يعزك الله في الدنيا والآخرة، ويعطيك جنة عرضها السماوات والأرض.
فالعفو عن إساءة الغير رغم القدرة على رد إساءتهم ومعاقبتهم عليها خلق رفيع جداً يدل على نبل صاحبه، ومن عفا لله تعالى فإن الله وعده بأجر عظيم :
1. جنة عرضها السماوات والأرض كما قال الله تعالى في كتابه في سورة آل عمران:
(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). (133)
ثم بين الله صفة هؤلاء المتقين الذين يستحقون هذه الجنة الفسيحة ويتأهلون لدخولها فقال:
(الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134).
فكظم الغيظ والعفو عن الناس من صفة المتقين المستحقين لدخول هذه الجنة.
2. رفعة وعزة في الدنيا والآخرة، وفي الحديث الصحيح عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
وهذه العزة تشمل عزه في الدنيا بمحبته في قلوب الناس ورفعة جاهه وشأنه لما يروا حسن خلقه، وعزته في الآخرة على رؤوس الخلائق يوم القيامة.
ومناسبة العزة للعفو أن البعض قد يعتقد أن العفو هو خلق الضعفاء والأذلاء فبين النبي عليه السلام عكس هذا المفهوم، وأن العفو هو خلق الأعزاء.
3. الرحمة من الله والمغفرة، كما جاء في الحديث (ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم) (رواه أحمد).
4. تخييره من الحور العين ما شاء على مشهد من الخلائق يوم القيامة، كما روي في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مَن كَظَمَ غيظًا وهو قادرٌ على أن يَنْفِذَه دعاه اللهُ عزَّ وجلَّ على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرُه اللهُ مِن الحُورِ ما شاءَ) (رواه أبو داود).
5. ملء قلب هذا العبد إيماناً، كما روي في الحديث (وما من جرعة أحب إلى الله عز وجل من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد لله إلا ملأ جوفه إيمانا)
وشرط حصول هذه الأجور أن يكون العفو وكتم الغيظ إنما هو لله تعالى وابتغاء الأجر منه لا رياءً ومفاخرة وابتغاء الجاه وحديث الناس عنه، كما نيه عليه لفظ الحديث الأخير حيث قيد أن تكون المغفرة والعفو وكظم الغيظ لله تعالى.
والله أعلم.