ما معنى العزة وما هي مصادرها

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١٤ نوفمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
العزة لغة :
العِزُّة لغة : خلاف الذُلِّ. وهو في الأصل: القُوَّة والشِّدَّة والغَلَبَة والرِّفعة والامْتِنَاع.
 وفي المعجم الوسيط " العِزَّة: القُوَّة والغَلَبَة والحَمِيَّة والأَنَفَة" . 
قال ابن الجوزي في كتابه زاد المسير : ( فهذه المادة في  كلام العرب لا تخرج عن معانٍ ثلاثةٍ:
أحدها: بمعنى الغَلَبَة، يقولون: مَنْ عَزَّ بَزَّ. أي: من غَلَبَ سَلَبَ، يقال منه: عَزَّ يَعُزُّ، ومنه قوله تعالى ( وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)  [ص: 23].
والثَّاني: بمعنى الشِّدَّة والقُوَّة، يقال منه: عَزَّ يَعَزُّ.
والثَّالث: أن يكون بمعنى نَفَاسَة القَدْر، يقال منه: عَزَّ يَعِزُّ) 

العزة اصطلاحا :

يمكن أن نعرف العزة اصطلاحا كخلق ممدوح بما قاله الراغب الأصفهاني: (العِزَّة: منزلة شريفة، وهي نتيجة معرفة الإنسان بقدر نفسه، وإكرامها عن الضَّراعة للأعراض الدُّنيويَّة، كما أنَّ الكِبْر نتيجة جهل الإنسان بقدر نفسه، وإنزالها فوق منزلتها ).( كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة )
فالعزة كخلق ممدوح صفة ترفع صاحبها عن الدنايا وتمنعه من الخضوع للذل .

وقد ترد العزة بمعنى مذموم وهي قرينة الكبر والحمية الجاهلية .
قال ابن الجوزي  ( ذكر بعض المفسِّرين أنَّ العِزَّة في القرآن على ثلاثة أوجه:
أحدها: العَظَمَة. ومنه قوله تعالى في سورة الشُّعراء: وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ [الشُّعراء:44]، وفي ص: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82].
والثَّاني: المنْعَة. ومنه قوله تعالى في سورة النِّساء: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [النِّساء: 139].
والثَّالث: الحَمِيَّة. ومنه قوله تعالى في سورة البقرة: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ [البقرة: 206]، وفي سورة ص: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ [ص: 2])

الفرق بين العزة والكبر والغرور :
وهناك فرق كبير بين العزة والكبر ، فالأول ممدوح يمنع صاحبه عن الأمور الدنية ويمنعه الرضا بالذل مع تواضعه للناس وخفضه الجناح لهم ، بينما الكبر خلق مذموم  يجعل صاحبه يرى نفسه فوق الناس واعلى منزلة منهم فهو نتيجة جهل الإنسان بقدر نفسه وإنزالها فوق منزلتها كما قال الراغب الأصفهاني .

مصادر العزة الممدوحة :
1. الإيمان بالله : المصدر الأول للعزة الممدوحة ، إيمان العبد بالله ، لإن إيمانك بالله وتوكلك عليه ويقينك به يشعرك بالقوة التي تركن إليها وهي قوة الله وعظمته ، ولا يملك الضر والنفع إلا هو سبحانه ، وهذا كفيل بأن يجعلك تستصغر أي قوة إلى جانب قوة الله .
- قال تعالى " من كان يريد العزة فلله العزة جميعا " ( فاطر ، 10)

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان (بيَّن -جلَّ وعلا- في هذه الآية الكريمة: أنَّ من كان يريد العِزَّة، فإنَّها جميعها لله وحده، فليطلبها منه، وليتسبَّب لنيلها بطاعته -جلَّ وعلا- فإنَّ مَنْ أطاعه، أعطاه العِزَّة في الدُّنْيا والآخرة)

- قال تعالى ردا على على كلام المنافقين لما قالوا " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الأذل " فقال سبحانه " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون "  ( المنافقون ، 8 )
قال ابن القيِّم في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان : (العِزَّة والعُلُوُّ إنَّما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو علمٌ وعملٌ وحالٌ، قال تعالى: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. [آل عمران: 139] فللعبد من العُلُوِّ بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]، فله من العِزَّة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظٌّ من العُلُوِّ والعِزَّة، ففي مُقَابَلة ما فاته من حقائق الإيمان، علمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا) .

2. الزهد في الدنيا وعدم التهافت على حطامها  : وذلك لأن الزهد فيما أيدي الناس يشعرك بالغنى عنهم ويرفعك في أعينهم .

قال سفيان الثَّوري رحمه الله: (أَعَزُّ الخَلْق خمسة أنفس: عالم زاهد، وفقيه صوفيٌّ، وغنيٌّ متواضع، وفقير شاكر، وشريف سني ) ( مدارج السالكين لابن القيم ) .

أما مصادر العزة المذمومة فكثيرة منها الاعتزاز بالخلق أو بالمال أو بالقبيلة .

والله أعلم 

المصدر :
موقع الدرر السنية