نص الحديث هو : ((يا ابن آدم, لا تخافنَّ من ذي سلطان، ما دام سلطاني باقيًا، وسلطاني لا ينفد أبدًا. يا ابن آدم, لا تخش من ضِيق الرزق وخزائني ملآنة، وخزائني لا تنفد أبدًا. يا ابن آدم, لا تطلب غيري وأنا لك، فإن طلبتني وجدتني، وإن فُتَّني فُتُّك وفاتك الخير كله. يا ابن آدم, خلقتك للعبادة؛ فلا تلعب، وقسمت لك رزقك؛ فلا تتعب، فإن أنت رضيتَ بما قسمتُه لك، أرحتُ قلبك وبدنك، وكنتَ عندي محمودًا، وإن لم ترض بما قسمتُه لك، فوعزتي وجلالي لأسلطنَّ عليك الدنيا؛ تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذمومًا. يا ابن آدم, خلقت السموات السبع والأراضي السبع ولم أعيَ بخلقهن، أيُعييني رغيف عيش أسوقه لك بلا تعب؟! يا ابن آدم, إنني لم أنس مَن عصاني؛ فكيف من أطاعني، وأنا رب رحيم, وعلى كل شيء قدير. يا ابن آدم, لا تسألني رزق الغد كما لم أطلبك بعمل الغد. يا ابن آدم, أنا لك محب؛ فبحقي عليك كن لي محبًّا)).
- فهذا الحديث لا أصل له ولم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أنه موضوع ومكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال ابن الجوزي: ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع.
- وقد ذُكر هذا الحديث في بعض كتب التصوف بقولهم "وجاء في بعض الآثار " دون الذكر لسند صحيح له أو من هو الذي أخرجه من أهل العلم والاختصاص.
- رغم أن معناه صحيح: وهو أنه لا يجوز الخوف إلا من الله تعالى، باستثناء الخوف الطبيعي كمن يخاف من الظلام، أو الوحش أو العدو أو الأسد وغيرها.
- وهذا الحديث هو من الإسرائيليات وأخبار أهل الكتاب (اليهود والنصارى) لا نصدقها ولا نكذبها كما ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- والذي يغني عن هذا الحديث هو الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يوصي به إبن عباس رضي الله عنه والذي يقول فيه: (وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ) وقوله: (وَاِعْلَمْ أَنَّ ما أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَما أَصابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ)
- بل أن هذا الحديث يخالف القرآن الكريم في مسألى السعي في طلب الرزق فالله تعالى قال: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) سورة القصص (77)
- وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) سورة الملك (15)
- فالتوكل الحقيقي على الله تعالى ليس بالجلوس وانتظار الرزق من الله تعالى، بل يكون بالسعي في الأرض والأخذ بالأسباب بطلب العلم والعمل والتجارة والصناعة وتعلم الحرف وغيرها.
- ولكن يجب أن لا تلهي الدنيا المسلم عن الآخرة، ولكن وكما ورد في الأثر (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).
- وينبغي للمسلم التحري الصحيح في أي حديث يسمعه خاصة في زماننا والذي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي مرجع الناس في تعلمهم!!! حيث نجد كثير من الأحاديث يتم نشرها ومشاركتها والتوصية بها وهي في الأصل موضوعة ومنكرة ولم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أن بعض المشايخ يقولون بها في المناسبات كبيوت العزاء أو في خطب الجمعة والجماعات!!!
- والحديث القدسي: هو كلام الله سبحانه وتعالى ولكنه غير معجز وغير متعبد بتلاوته وغير محفوظ من التحريف ، ولا يشبه القرآن الكريم هو الذي يكون لفظه ومعناه من عند الله تعالى ولكنه منقول على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .