الغبن في الأصل فيه معنى الخسارة والخداع من غُبِنَ إذا خُدِعَ في بيعه .
وسمي يوم القيامة بيوم التغابن لأنه كذلك بالنسبة للكفار ، حيث يظهر لهم أنهم خسروا بيعهم واستجابوا لخدعة الشيطان إذ مناهم وأملهم في الدنيا فباعوا أنفسهم للشيطان ثم هو يتبرأ منهم يوم القيامة ويعانون الحقيقة وأنهم صاروا من حطب جهنم ، فقد غُبِنَوا إذ باعوا الحياة الدنيا بالآخرة ، واشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم بل خسروا فيها وغبنوا .
قال تعالى " يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) ".
وهو كذلك يظهر فيه غبن من قصر في الدنيا من المسلمين فلم يبلغ الدرجات العليا في الجنة أو استحق دخول جهنم ثم الخروج منها ، فهذا نوع من انواع الغبن وإن لم يبلغ الغاية فيه .
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره "
وسمى يوم القيامة يوم التغابن ; لأنه غبن فيه أهل الجنة أهل النار .
أي أن أهل الجنة أخذوا الجنة , وأخذ أهل النار النار على طريق المبادلة ; فوقع الغبن لأجل مبادلتهم الخير بالشر , والجيد بالرديء , والنعيم بالعذاب .
يقال : غبنت فلانا إذا بايعته أو شاريته فكان النقص عليه والغلبة لك .
وكذا أهل الجنة وأهل النار ; على ما يأتي بيانه .
...
قال المفسرون : فالمغبون من غبن أهله ومنازله في الجنة .
ويظهر يومئذ غبن كل كافر بترك الإيمان , وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان وتضييعه الأيام .
قال الزجاج : ويغبن من ارتفعت منزلته في الجنة من كان دون منزلته . ".
والله أعلم