لماذا بعض الناس ينسبون الى القلب التحكم بالمشاعر مع انه العقل فقط المتحكم بالمشاعر و الافكار؟

بالرغم من أننا نلاحظ مشاعر الانجذاب في القلب وربما أيضًا في أجزاء أخرى من أجسادنا، فإن الحب الحقيقي يبدأ في الواقع في الدماغ؛ فهو الذي يرسل الإشارات لتتحرك مشاعرنا وتثار عواطفنا... وهذا هو آخر ما توصل إليه العلم.

لكن لماذا يربط جزء كبير من الناس المشاعر والعواطف بالقلب، فترى تحية العلم والنشيد الوطني عند بعض البلدان تستلزم وضع أيديهم على قلوبهم تعبيراً عن محبتهم لبلادهم، كما اعتدما منذ طفولتنا أن نرسم قلب الحب الأحمر الشهير الذي اعتدنا عليه للتعبير عن مشاعرنا لأحد ما، وأن نرسمه مكسوراً عندما نعاني من ألم عاطفي... إليك الأسباب التي تجعلنا نفكر بهذه الطريقة من وجهة نظري:

- عندما ترى حبيبك يدق قلبك بسرعة كبيرة ويرفرف وكأنه يرقص فرحاً برؤياه أو بسماع صوته أو عندما تأتي سيرته أو تتذكره، وعندما تدخل إلى قاعة الامتحان تحس كأن قلبك ينقبض ويرتجف خوفاً، وعندما تحزن تحس أن قلبك ينفطر... كل هذه الأمور التي تحدث معنا تجعلنا نرط بين قلوبنا وعواطفنا.

- عندما يجرحك حبيبك أو يتوفى شخص قريب عليك أو صديق مثلاً، أو عندما تعاني من أي ألم عاطفي فإنك تحس أحياناً بألم فعلي في عضلة القلب في ظاهرة تسمى متلازمة القلب المكسور، وهذا الألم والقصور القلبي ينتج عن زيادة هائلة في الهرمونات السمبثاوية التي تؤثر على حالة القلب، وقد تؤدي هذه المتلازمة للوفاة أحياناً... وقد أثبت العلم والطب هذا فعلياً فعزز لدى البعض فكرة ربط القلب بالمشاعر.

- على مدى سنوات كثيرة كانت الدراسات المنتشرة تفيد بأن القلب هو الجزء المسؤول عن مشاعرننا من حب وكره وغيرها، فارتبطت في عقول الناس هذه المعلومة، وصدقوها وأصبحوا يربطون القلب بالعواطف والمشاعر، والعقل بالمنطق والتفكير. وكما نعلم... فإن إزالة معلومة معينة من عقولنا ليس بالأمر السهل، وخاصة إذا كانت هذه المعلومة معروفة ومنتشرة بين فئة كبيرة من الناس.

- ربطت الكثير من الثقافات والحضارات بين القلب والعواطف، ووصلنا هذا الربط من خلال القصص والحكايات والأساطير والمقتنيات والرسومات، كالحضارة الفرعونية التي كانت ترى أن القلب هو مركز الخير والشر وهو مركز العواطف، وأن الإنسان عندما يموت يحاسب عن طريق قلبه وما يحويه من مشاعر جميلة أو بشعة وشريرة.

برأيي... أن الإنسان كائن حي معقد، ولم يستطع العلم حتى الآن إيجاد تفسير منطقي مقنع لكثير من الأمور التي تجري داخلنا وتشكل سلوكياتنا، فهناك دراسات وأدلة تربط القلب بالمشاعر والعواطف والأحاسيس، وأدلة أخرى تربط العقل بها أو على الأقل تقول أن مصدرها هو العقل، كما أن هناك أدلة ودراسات تربط التفكير بالقلب وتثبت ذلك. فأعتقد أن كثرة الدراسات هذه هي أحد الأسباب الرئيسية في تضليل الناس، وجعلهم يتمسكون بما يؤمنون به هم أنفسهم، وخاصة بأننا اعتدنا على مبدأ الأضداد في الحياة كالذكر والأنثى، والخير والشر، والأبيض والأسود، وكذلك اعتبرنا أن في أجسادنا العقل ضد القلب والعواطف ضد المنطق فصدقنا ذلك.