توقعك أنك ستكون دائمًا قادر على اتخاذ القرار الصحيح سيكون من الأحلام الأفلاطونية!، لكن باتباعك للطريقة الصحيحة لاتخاذ القرارات سترفع من احتمالية تحقق هذه الأحلام. وأسوأ ما قد يحدث بعد استخدام الطريقة السليمة لاتخاذ القرار هو أخذ قرار خاطئ يحمل في ثناياه أقل ضرر ممكن، ويكون مدعوم بأدلة واضحة تفسر لك سبب أخذك لذلك القرار؛ مما يجعل عملية تجاوز الخطأ أسهل.
حاول استخدام الخطوات التالية عندما تتطرق لحالة تحتاج لاتخاذ قرار مهم فيها:
1) قم بالتركيز على الأهداف: سواء كان الهدف الذي تأخذ القرار بشأنه، أو الأهداف التي تود تحقيقها في حياتك بشكل عام. عندما تبدأ في عملية دراسة الخيارات؛ اسأل نفسك "ما المشكلة/ الأمر الذي يجب عليك أخذ القرار به بالضبط؟"، ولماذا يعتبر اتخاذ هذا القرار ضروريًا؟ ".
الهدف من السؤال الأول التركيز على المشكلة الفعلية؛ حيث يجد معظمنا نفسه يبتعد عن الهدف والمشكلة الرئيسة أثناء اتخاذه للقرار ودراسته للحلول. والسؤال الثاني سيجعلك قادرًا على تحديد أهمية القرار، مما يساعدك على استبعاد التفكير مطولًا بالقرارات البسيطة التي قد تجد نفسك تعطيها وقتًا أكبر مما تستحقه.
فعلى سبيل المثال؛ الأمر الذي تود أخذ قرار به بالضبط هو قبول أو رفض أحد المناصب التي عرضت عليك من أحد الشركات. وكون هذا المنصب أعلى وأصعب وأكثر حساسية من منصبك الحالي، لكنه وبنفس الوقت ذو مرتب أضعاف عملك الحالي، من الضروري اتخاذ القرار الصحيح اتجاه هذه النقلة النوعية في مسيرتك المهنية، مع التفكير بمنطقية وموضوعية إذا كانت قادرًا على استيفاء متطلبات هذا العمل وتحمل ضغوطاته إذا قمت بقبوله.
2) قم بوضع الخيارات: وفي هذه الخطوة لا تهتم مطلقًا إذا كانت الخيارات منطقية وقابلة للتطبيق، أو سخيفة وخارجة عن المألوف؛ فقط ركز على وضع الخيارات التي فكرت بها، والخيارات التي نصحك بها بالمختصين والخبراء والأكبر منك سنًا، وتلك التي وجدتها في شبكات الويب.
فعند محاولة أخذك لقرار يتعلق بالتخصص الجامعي الذي تود دراسته قم بكتابة أكبر عدد من التخصصات التي تود دراستها أو حتى تلك التي تبدو بنظرك ممتعة ومثيرة للاهتمام، وارفق هذه التخصصات بمختلف الجامعات التي تدرسها، سواء كانت حكومية أو خاصة -بغض النظر عن الجامعة التي تطمح لدخولها-. كلما زادت الخيارات التي تقوم بوضعها ازدادت كمية الأفكار الإبداعية والخيارات التي تمتلكها التي ستساعدك على اتخاذ القرار الأمثل والأكثر صحة في النهاية، وستمتلك بذلك قائمة تحتوي على أفضل الخيارات التي تمتلكها في حال لم تسر الأمور وفقًا للقرار الذي قمت باتخاذه.
3) فكر في النتائج: وأفضل شخصيًا القيام بذلك باستخدام ورقة وقلم لكي يصبح كل شيئًا واضح أمامك، ولكي تخفف من المجهود العقلي الذي تضعه عليك عملية اتخاذ القرار. هذه الورقة ستخفف أيضًا من شعور الندم الذي يرافق قيامك باتخاذ القرار الخاطئ؛ كونها تحتوي على النقاط التي دفعتك في ذلك الحين لأخذ هذا القرار.
قم بوضع الإيجابيات والسلبيات التي يمتلكها كل خيار من مجموعة الخيارات، أو النتائج الإيجابية والسلبية الناتجة عن قبول أو رفض الأمر الذي تحاول أخذ قرار بشأنه. سؤالك لنفسك أسئلة مثل "كيف سيؤثر هذا الأمر على حاضري؟ " و"كيف سيؤثر هذا الأمر على مستقبلي؟ " سيجعل هذه العملية أسلس ومركزة على النتائج الفعلية بدلًا من الكلام النظري.
من المهم في هذه النقطة أن تكون صريحًا وواضحًا مع نفسك بشأن تأثير الضغوط الاجتماعية على قرارك؛ فهل تود دراسة هذا التخصص الجامعي لأن والديك يرغبان بذلك؟، هل تود دراسته لأنه ذو مرتبة رفيعة بين الآخرين؟، هل قبلت بأخذ ذلك المشروع الصعب لأنك تود تحدي نفسك أم لأنك تعتقد أن مديرك سيسر بذلك؟، هل رفض الترقية لأن من حولك يعتقدون أنك لا تستحقها؟. التفكير في أثر الضغط المجتمعي عليك سيساعدك على تجنب أخذ القرارات الفظيعة التي ستؤذيك مستقبلًا.
4) قم بالحد من خياراتك: وستقوم بهذه الخطوة عند أخذك لأحد القرارات التي تمتلك فيها العديد من الخيارات. امتلاكك العديد من الخيارات في البداية ستكون فكرة جيدة ومفيدة، لكن عند اقترابك من خطوة اتخاذ القرار بشكل فعلي ستكون الخيارات المتعددة سببًا في عدم أخذك لأي قرار على الإطلاق.
قم بوضع رغبتك الداخلية بضرورة اختيار أفضل خيار ممكن جانبًا، وابدأ بالتخلي عن الأمور التي تجد أنها تفتقر لما تحتاجه بالمقارنة بغيرها. فلو امتلكت مثلًا 30 خيارًا من السيارات التي ناسبتك وأعجبت بها، حاول حد خياراتك لـ 5 سيارات فقط التي تعتبرها الأكثر تناسب بالنسبة لك بين الـ 30 من الناحية المادية والعملية والاستخدامات التي تخطط لها.
5) خذ حدسك ومشاعرك بعين الاعتبار: ولا تخف من القيام بهذه الخطوة؛ إذ أن قيامك بالبحث ودراسة الإيجابيات والسلبيات والنتائج للخيارات تحسن من عمل حدسك ومشاعرك، فقم على سبيل المثال برفض فرصة العمل التي لا تشعر بالراحة مطلقًا اتجاهها. ومن المهم أن تأخذ القرار مع اهتمامك لعواطفك، لا عندما تكون تحت تأثيرها؛ فكم سمعنا عن أشخاص قاموا بصنع وعود صعبة تحت تأثير مشاعر السعادة، أو رفضوا فرص ذهبية بسبب الخوف الذي شعروا به.
فالحدس والعواطف لا يفضل وضعهما جانبًا تمامًا إلا إذا اتسم القرار بكونه قرار عاطفي قد ينتهي تعاملك معه بعواطفك وحدسك بدلًا من المنطق إلى عواقب وخيمة؛ كأن ترفض قرار يتعلق بقتل مجموعات كبيرة من الكائنات الحية التي تحمل أمراض خطيرة أو تؤثر سلبًا على التوازن البيئي.
6) قم بأخذ قرارك: ونقع في حالة من التوتر الشديد في هذه الخطوة، لذلك قم بتهدئة نفسك بتذكيرها بالخيارات التي قمت بحدها لعدد قليل، والتي فيها قوائم تحتوي على معلومات عنها، والإيجابيات والسلبيات فيها، ومشاعرك اتجاهها.
في هذه الخطوة سيكون للحدس الداخلي دورًا كبيرًا جدًا؛ عند أخذك لأحد الخيارات كقرار نهائي قم بطرح الأسئلة الآتية على نفسك قبل أخذ خطوات نحو تطبيقه أو إخبار الآخرين عنه: "هل حقًا أشعر من داخلي أن هذا القرار صحيح؟ "، "هل هذا القرار هو الأمثل والأكثر صحة لحاضري ومستقبلي؟ "، ينصح بعض المختصين بطريقة (10/ 10/ 10) وبها تسأل نفسك كيف ستشعر اتجاه قرارك بعد 10 دقائق و10 شهور و10 سنين من الآن. إذا لم تمتلك شعور جيد اتجاه ذلك القرار بعد سؤالك لهذه الأسئلة يجب عليك إعادة النظر في القرار.
7) قم بتقييم قراراتك: ستكون هذه الخطوة الأهم والتي ستتطلب منك قدرًا كبيرًا من الصبر، وستساعدك على شحذ مهارة اتخاذ القرار لديك، وستقلل من احتمالية اتخاذك للقرار الخاطئ. لتقييم عملية اتخاذك للقرار قم بأخذ الأمور الآتية بعين الاعتبار:
1* تأكد من أنك حددت الهدف من أخذ القرار بشكل صحيح: وسيساعدك ذلك على أخذ القرار بالنظر في الأمر الرئيس والعام، اسأل نفسك "هل القرار الذي قمت بالقيام بالخطوات السابقة له كان للهدف الرئيس والأكثر أهمية أم كانت أحد فروع الهدف فقط؟ ".
2* مصادر المعلومات: فأخذ المعلومات من مصدر واحد سيؤثر في جودة قرارك؛ اسأل نفسك "هل قمت بالاعتماد على نفسي ورغباتي فقط في وضع الخيارات التي امتلكها؟ "، "هل جمعت المعلومات عن الخيارات من مصدر واحد كشبكات الويب فقط أم سألت مصادر أخرى كالخبراء والمختصين؟ ".
وامتلاك العديد من المصادر فكرة سيئة أيضًا وقد يدخلك في حالة ضياع في الخيارات، تذكر أن القرار النهائي يعتمد بالنهاية بشكل تام على شعورك الداخلي نحوه، الهدف من جمع المعلومات هو توضيح الخيارات والحد منها.
المراجع: