حساسية الشخصية لا يقابلها الغموض، بمعنى أنه يمكن لك أن تكون شخصية حساسة جدًا، لكنك غامض بعض الشيء، لا يعرف الناس حولك الكثير عنك، قليل الكلام، لا تعبر عما بداخلك ببساطة، كلها صفات لا تنافي كونك حساسًا.
لكن يمكننا أن نتساءل: هل يمكن أن يتحول شخص قاسي أو متحجر القلب إلى شخص مُرهف الحس؟ لأن القسوة مقابلها الحنان والحساسية والرحمة.
دعني أجيب عن سؤالك كما فهمته، التحول من شخصية لشخصية عمومًا شيء ليس هينًا أو يمكن تحقيقه إذا سرت على خطوات 1,2,3، لأن طباع النفس بعضها فطري وبعضها مكتسب، وبعضها نتاج الاثنان معًا.
ومن وجهة نظري، أن النفس الحساسة المرهفة نتاج عن العوامل الفطرية والمكتسبة، فجزء منها فطري يودعه الله في نفس كل البشر بنسب مختلفة، وجزء مكتسب، بناءً على البيئة المحيطة التي تربيت فيها وما تضمنه من علاقات في: الأسرة، والمدرسة، والأصدقاء.
أي حينما يكون الوسط البيئي الذي تربى فيه الشخص وسطًا حساسًا ومراعيًا، يزيد ذلك نسبة الحساسية لدى هذا الشخص ومراعاته لمن حوله.
لذا فإن التحول من شخص لديه نسبة قليلة من الحساسية لشخص مُرهف الحس شيء صعب، يستلزم منه أولًا الاعتراف بكونه قاسيًا بعض الشيء، والعمل على نفسه حتى يزيد من حساسيته وشعوره.
فمثلًا من أكثر العادات التي زادت من رقة قلبي أكثر وحساسيتي، زيارة ملاجئ الأيتام، ودور المسنين، ومستشفيات الأطفال، لا سيما مستشفيات سرطان الأطفال، فقد غيرت زياراتي المستمرة لهذه الأماكن نظرتي للحياة عمومًا، وعلى الرغم من أنني شخص حساس من البداية، إلا أن حساسيتي زادت أكثر عندما اعتدت على زيارتهم.
أما الجزء الآخر من سؤالك الذي يخص الغموض، فهذا طبع في النفس لا يتنافى مع الحساسية، ويمكن أن تحاول تغييره إذا كان طبعًا مزعجًا بالنسبة لك، أنصحك بالبدء في التحدث، إذا تحدثت كثيرًا ستزيل عائق الغموض شيئًا فشيئًا، لكن بالطبع تحدث مع أشخاص محل ثقة.