ذكر العلماء لهذه الآية عدة معانٍ منها:
1. أن المقصود من الرزق هنا هو المطر والثلج فمصدره السماء ومسكنه السماء، فالماء وهو سبب حياة كل شيء كما قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) هو أساس الرزق، وهذا المطر لا يتحكم به البشر وليس لهم قدرة على التحكم في كمياته ووقت نزوله، لذلك فهذا الرزق من السماء كلية وليس للبشر سلطة عليه.
2. أن المقصود من الآية أن تقدير رزقكم من السماء يعني من عند الله تعالى فهو وحده مقدر الأرزاق ومقسمها، فهو المعطي وهو المانع وهو الضارر وهو النافع يرسل رحمته عمن يشاء ويمسكها عمن يشاء، يوسع على من يشاء من عباده ويضيق على من يشاء، يرزق من يشاء بغير حساب، وكل ذلك عنده مكتوب في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ.
وهو سبحانه كما جاء في الحديث المتفق عليه أن الله يرسل الملك إلى الجنين عندما يبلغ 120 يوماً ويأمره بكتابة أربع كلمات: عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد.
3. وقيل معناها أن رزقكم على الله وليس بيد البشر كقوله تعالى (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)، وهذا المعنى قريب من الثاني ولكنه أظهر في التوكل والتفويض إلى الله تعالى.
وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ).
وعلى كل حال على أي المعاني حملنا الآية فهي تدعو إلى التوكل على الله والتفويض إليه وعدم الخوف على الرزق بحيث يحمله هذه الخوف على طلبه بغير أسبابه الشرعية.
ولكن الآية ليس فيها دعوة إلى ترك الأسباب والسعي في الأرض مع ادعاء التوكل على الله فهذا من التواكل المذموم الذي يرفضه الإسلام ويعتبره نقصاً في العقل وقدحاً في الشرع.
والله أعلم