لأهمية النمل والسر العجيب في خلقه فقد أفرد الله سبحانه وتعالى له سورة كاملة في القرآن الكريم اسمها سورة النمل.
- وجاءت قصة النمل مع سيدنا سليمان عليه السلام في قوله تعالى: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل، آية: 17 - 19).
وفي قوله تعالى: (لا يحطمنكم) لم تقل النملة "لا يدهسنكم"، توصل العلماء إلى أن جسد النملة مكون من مادة تشبه الزجاج فتتحطم كالزجاج.
وبتشريح النمل وجد أن جسمه يتضمن جهازا هضميا متطورا مكونا من فم ومريء ومعدة وأمعاء وجهاز ضخ ومص، يعرف من خلالها النمل الأجناس الأخرى منه، ففي قرية أو محيط واحد لمجموعة من النمل تنتشر بينهم المودة والألفة، ومع نمل من قرى أخرى فهناك ضراوة في العداوة تقود إلى الحرب تكون فيها الحياة للأقوى، والنمل لا يكمل في حياته ولا يمل أو يستسلم بل يعمل ويعمل ثم يعمل.
ربما يتبادر لذهن الإنسان لماذا خلق الله النمل؟ وما الحكمة من خلقه؟وسيكون جواب ذلك أن الله عز وجل لم يخلق شيئاً في هذا الوجود عبثاً، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ) (16، الأنبياء)، ولكن كانت مشيئته ومن حكمته أن يخلق الأشياء والمخلوقات ويوجدَها من العدم لسر لا يعلمه غيره سبحانه، سواء أدرك حكمته البشر أم لم يدركوه، وترك لهم الخيار في البحث والتقصي وسهل لهم الوسائل، قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّن لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت، 53]، وقد توصل العلماء قديماً وفي العصر الحديث إلى خصائص وأسباب عديدة تقتضي وجود النمل على الأرض وتجعله شيئًا مهمًا لا يمكن الاستغناء عنه، وفيما يلي بعض الأسباب:
1. إن وجود النمل على الأرض عموما يحافظ على نظافة البيئة، لأن النمل بطبيعته يأكل الحشرات ويقلّب التربة ليدخل الهواء إليها، وقد نهى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عن قتل النمل أو حرقه، لأن له أهمية كبيرة في وجوده وبقائه.
2. يتمثل النمل في دوره غذاء مهم للكثير من الحشرات التي تقوم بالمساهمة في تنقية البيئة وتطهيرها من الأضرار.
3. يعمل النمل على تلقيح بعض أنواع الزهور.
4. ويقوم النمل أيضًا بتحريك المادة العضوية الموجودة في التربة ويساعد في إنتاجها والمحافظة عليها.
5. والنمل من أهم الحشرات المفترسة للحشرات الأخرى.
6. كما يحدث النمل توازنا كبير في النظام البيئي في عالم الحشرات. وينعكس هذا التوازن على العالم، فيحدث النمل توازناً في العالم بأجمعه لهذا قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالَكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شيءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام، 38]
7. ومن خصائص النمل الفطرية هي القتل وهذه من خصائص المخلوقات جميعها؛ للدفاع عن نفسها والتنافس لبقاء النوع الجنسي لتلك المخلوقات.
8. وقد توصل العلماء حديثًا إلى أن النمل يقوم ببناء مملكته بشكل منظم للغاية! حتى أن العلماء ينصحون بناة البلدان والممالك بالاستفادة من النمل في هندسته وتنظيمه الشديد.
9. عند موت نملة، فإن الجسم يفرز مادة لها رائحة مميزة عند النمل، فيهب النمل لحمل جثمان هذه النملة ولا يدعونها في نفس المكان، لذلك قل ما نرى نملًا ميتًا.
10. النمل هو من أكثر المخلوقات نشاطًا وقوة وعزم، فيبقى طوال فصل الصيف يجمع القوت والطعام دون تكاسل أو راحة، ليستنفد كل ما جمع في الشتاء ويعود في الصيف التالي لعمله وهكذا.