أن رغبتك لبدء قراءة الكتب بشكل نقدي هي خطوة كبيرة جدًا، إلا أنها رائعة ومهمة، وستغير نظرتك للمؤلفات التي تقرأها، وستساعدك على تطوير الكثير من المهارات المختلفة من تحليل ودقة ملاحظة.
قبل أن أخبرك كيف يمكنك القيام بذلك، دعني أذكر لك سريعًا معنى القراءة النقدية. فإنت بهذه الحالة لا تقرأ لتمضي وقتًا سريعًا فقط، بل تبدأ بالبحث في الكتاب، تطرح الأسئلة وتبحث عن اجاباتها داخل الصفحات. ستحتاج معرفة بضع الأمور عن المؤلف، وهذا سيساعدك بربط الموضوع بصاحبه، ربما ستبحث عن المصالح التي يسعى إليها الكاتب، وربما تجد تناقضات ضمن السطور. ستتأكد من المصادر، وستقيمها، وستعود لربط كل ما سبق من وجهة نظرك الخاصة. تلك هي القراءة النقدية.
ربما يبدو الأمر وظيفة خبراء أو ما شابه، وغالبًا ما ستواجه صعوبة في بداية الأمر، وسيأخذ الكثير من الوقت بالطبع، لكن لاحقًا سوف تجد أنك تفعل ذلك دون جهدٍ متعمد يُذكر.
أما الخطوات التي ستحتاج لاتباعها حتى تكون قراءتك النقدية سليمة، فسأحدثك عنها بإيجاز لكن حتى تفهم المغزى منها.
ويمكنك البدء بهذا عن طريق تحديد أهداف النصوص، وقراءة العناوين الرئيسية. هذه النقطة ستساعدك بشكل مباشر في تحديد المدة التي سيلزمها قراءة هذا الكتاب، والجهد الذي ستحتاج وضعه في أجزاء معينة. وفي هذه المرحلة تستطيع التعرف على الكاتب وأفكاره، وربطها بالكتاب لتستطيع تحديد المغزى والهدف من هذا العمل، والفائدة التي ستعود على الكاتب منه.
هنا تبدأ القراءة الفعلية المتأنية. ويبدأ التحليل عن طريق ملاحظة جميع التفاصيل. ولتسهيل الأمر عليك، يجب أن تحمل إلى جانبك قلمًا ودفتر ملاحظات صغير. عليك تسجيل الأفكار التي تخطر لك خلال قراءتك، آراءك بشأن ما تقرأ، ربط أجزاء بأجزاء سابقة قرأتها. سيكون هذا الدفتر بمثابة محتوى إجابات على الأسئلة التحليلية المعتادة، والأخرى التي تحملها أنت. أسئلة عديدة حول استنتاجات الكاتب، ومن أين حصل عليها، وافتراضات لاستنتاجات أخرى، وما الأسلوب الذي اتبعه، ولأي هدف يريد الوصول. كل تلك الأسئلة والكثير غيرها ستتعلمها تدريجيًا مع بدء محاولاتك بالتحليل.
وهنا مرحلة التأكد من ما خرجت به من المراحل السابقة. والطريقة الأفضل لفعل ذلك، هي صياغة كل ما قرأته وتتذكره بأسلوبك الخاص. ربما تتمكن من التلخيص بشكل منظم، بتفصيل الموضوع على شكل أفكار ونقاط محددة، بذلك تتأكد أنك شملت كل شيء.
إن ما خرجت به في تلخيصك هو الحصيلة المرجوة من الكتاب، وكل تلك الأمور المشابهة بمفرداتها وأفكارها مع ما احتوى الكتاب هي الأمور التي تعمد الكاتب إظهارها بشكل أساسي. بملاحظتك لهذه التكرارات ستستطيع الوصول للخطوط العريضة المهمة المذكورة في الكتاب، وتلك التي حصلت عليها.
الطريقة المناسبة لتقييم الكتاب هي عن طريق مقارنته بكتب أخرى تتمحور حول ذات الموضوع، هنا تستطيع الشعور بنقاط الضعف والقوة وما شابه.
في النهاية، لن تصل إلى المرحلة التي ترجوها إلا تدريجيًا، ومهما بدى الطريق طويلًا في البداية، إلا أنك عندما تبدأ بالاعتياد عليه سوف يبدو لك كأنه لا شيء مقارنة مع ما كان.