هل في صغائر الذنوب عذاب قبر

2 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 بعض أهل العلم قالوا أن عذاب القبر لا يختص بالكبائر فقط، وإنما يشمل الصغائر أيضا.

- وقد استدلوا على ذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما مر على قبر وقال: (إنَّهما يُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ.) متفق عليه
والمعنى هنا بأن الميت يعذب لأمر ليس من الكبائر وغنما منعدم الاستتار من البول

- كما أن ابن بطال استدل برواية الأعمش على أن التعذيب لا يختص بالكبائر، بل قد يقع على الصغائر أيضا.
وبعض أهل العلم ذهب إلى أن عذاب القبر يختص بالكبائر فقط.

والذنوب تنقسم إلى قسمين منها:
 

- الصغائر ومنها الكبائر، بنصّ القرآن والسنة، وإجماع أهل العلم والسلف الصالح كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى،
- فذنوب الصغائر من الممكن أن يغفرها الله تعالى للعبد المسلم في الدنيا بسبب عمل صالح قام به أو استغفر لذنبه وتاب ولربما كفر الله عنه تلك الصغائر بمرض أوصابه أو هم وحزن أو مصيبة حلت به.

- وحتى الكبائر إذا تاب الإنسان عنها توبة نصوح وعزم على عدم تكرراها وكان ذلك قبل أن يأتيه الأجل فإن الله برحمته يغفرها له.

- قال القرطبي في حد الكبيرة: الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب. 

- وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الكبائر هي ما رتب عليه عقوبة خاصة بمعنى أنها ليست مقتصرة على مجرد النهي أو التحريم، بل لا بد من عقوبة خاصة مثل أن يقال من فعل هذا فليس بمؤمن، أو فليس منا، أو ما أشبه ذلك، هذه هي الكبائر، والصغائر هي المحرمات التي ليس عليها عقوبة. 

- كما قال رحمه الله: أمثل الأقوال في هذه المسألة القول المأثور عن ابن عباس، وذكره أبو عبيد، وأحمد بن حنبل وغيرهما وهو: أن الصغيرة ما دون الحدين: حد الدنيا وحد الآخرة. وهو معنى قول من قال: ما ليس فيها حد في الدنيا، وهو معنى قول القائل: كل ذنب ختم بلعنة أو غضب أو نار فهو من الكبائر.

- فإن ارتكب العبد صغائر من الذنوب فقد يغفرها الله له  بأعماله الصالحة، وأما إن كان فيها كبائر كالنميمة وما شابهها فهو تحت مشيئة الله إن شاء غفرها وإن شاء عذب بها؛ 

- كما أن من مكفرات الصغائر، كما ذكرها أهل العلم أنها تكفر باجتناب الكبائر، لقوله تعالى: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا.) سورة النساء آية: 31.
- وصغائر الذنوب أيضا تكفرها الصلوات الخمس أيضا، وصلاة الجمعة، وصوم رمضان، والذكر عقب كل صلاة  لما ثبت عن الصحابي أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر). رواه مسلم

- أما الطاعات التي وردت الأحاديث بأنها تكفر الذنوب، كصوم عرفة، وصوم عاشوراء، وغيرها، فهو محمولٌ عند الجمهور على الصغائر، فإنها تكفر بأمثال هذه الطاعات، التي ثبت في الدين الإسلامي أن لها تأثيرا في محو الصغائر، 

- وننوه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن احتقار الذنوب، لأن الصغائر إذا استهان بها الإنسان قد تجر إلى الكبائر،

- فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وذا بعودٍ، حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه)

فينبغي على المسلم أن يحرص على اجتناب الذنوب والمعاصي مهما صغرت وأن يسارع إلى الاستغفار والتوبة إذا ارتكبها. 

profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٠ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نص بعض العلماء أن صغائر الذنوب قد يعاقب عليها العبد في قبره ويعذب عليها واستدل لذلك بحديث القبرين اللذين مر النبي عليه الصلاة والسلام عليهما ، فقال: ( إنَّهما ليُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ ثمَّ قال: بلى أمَّا أحدُهما فكان يسعى بالنَّميمةِ وأمَّا الآخَرُ فكان لا يستنزِهُ مِن بولِه ...) ( متفق عليهما ) .

ففي هذا الحديث يخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن صاحبي هذين القبرين يعذبان في قبريهما لأجل معصيتين ليستا بكبيرتين لأنه قال ( وما يعذبان في كبير ) ، وهاتان المعصيتان هما : 1. النميمة والسعي بين الناس بالفساد 2. عدم الاستنزاه بالبول والاحتياط من رجوع رذاذ البول على ثيابه . 

فقالوا إن عدم الاستنزاه من رذاذ البول خاصة لم يرد فيه وعيد بلعنة أو غضب أو عذاب فلا يدخل في حد الكبيرة  ، ومع ذلك استحق صاحبها هذا العذاب .

وذهب بعض العلماء إلى أن عذاب القبر يختص بالكبائر ، أما ما ورد في الحديث أعلاه فإن الرواية التي ذكرناها أعلاه توضح أن معنى كلام النبي عليه الصلاة والسلام : أنهما في أمر ليس بكبير عندهما أو ليس بكبير اجتنابه ، ولكنه في الاقع كبير عند الله بدلالة قوله ( بلى ) يعني إنه لكبير . 

قال الإمام السيوطي في فتاويه : " فكفّر عنهم - يعني عن المسلمين -  الصغائر بمقاساة أهوال السؤال، ونحوه، وخصّ عذاب القبر بالكبائر ". 

فجعل رحمه الله كفارة الصغائر بما يصيب المسلم من أهوال السؤال وفتنة القبر وضمته ، أما العذاب فجعله مختصاً بالكبائر .

وقد يكون هذا القول هو الأرجح والله أعلم فنقول : أن الصغائر يكفرها الله عند عبده بما يصبيه في الدنيا من هم وغم وابتلاء وبكثرة ذكره واستغفار ، أما الكبائر التي مات ولم ميتب منها فقد يكفر الله عنه بعذاب القبر منها ،ٌ وقد يبقى عليه منها إلى يوم القيامة ما يحاسب عليه منها .

ولكن عليك الانتباه : أن الإصرار على الصغيرة يحولها إلى كبيرة لأنه يدل على عدم تعظيم العبد لربه ، فيكون إصراره على الصغيرة سبباً لعذاب القبر والعياذ بالله .

وأمر أخير وهو أن عذاب القبر يكون فيه رحمة بالمسلم بوجه من الوجوه ، لإنه لما يعذب في القبر فيكون هذا العذاب فيه كفارة لذنوبه فإنه بذلك ينجو من أهوال  يوم القيامة وينجو من دخول جهنم والعياذ بالله ، فهذا العذاب للمسلم وإن كان عقاباً من وجه فإن فيه رحمة وتخفيفاً من وجه آخر .

والله أعلم