الآية التي سألت عنها وهي قوله تعالى في سورة الجاثية ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) )
ليس فيها إشارة إلى عذاب القبر ،وإنما هي ترد على اغترار الكفار الذين يزعمون أنهم سيكونون في حالة صالحة ومنزلة رفيعة في الاخرة كما قال صاحب الجنتين في سورة الكهف ( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً) ، فهم لاغترارهم وكفرهم يقولون :إن كان هناك حياة آخرة وجنة كما تزعمون أيها المؤمنون فإنا سنكون معكم وفوقكم فيها كما نحن في الدنيا عندنا هذه الدنيا وزينتها ، فاستدلوا بمتاع الدنيا على حسن مكانهم في الآخرة !
فرد الله زعمهم هذا وبين بطلانه واغترارهم ،وأنه لا يستوي المؤمن الذي عمل الصالحات بالكافر والفاجر الذي اجترح السيئات ، شتان شتان بينهما ، فكما المسلم يحيا مؤمنا ويموت مؤمنا فكذا الكافر عاش كافراً ويبعث كافراً ويلقى جزاء كفره وفجوره .
ففرق بين المسلم والكافر في الدنيا والاخرة وفي الحياة والممات ،وهذا فيه إشارة إلى أن تمايز الناس الحقيقي إنما هو بحسب دينهم في الدنيا والآخرة .
أما الآيات التي فيها إشارة إلى عذاب القبر فهي آيات أخرى منها :
1. قول الله في شأن آل فرعون في سورة غافر : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (46) .
فالنار التي يعرضون عليها الآن صباحاً ومساءً هي من عذابهم في قبورهم ، ويم القيامة سيدخلون هذه النار .
2. قوله تعالى في سورة غافر ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ (11) )
ذكر بعض المفسرين أن حياتهم الأولى هي حياتهم في قبورهم وعذابهم هناك .
3.سورة التكاثر ، ففيها قوله تعالى ( حتى زرتم المقابر ..لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين..)
روير عن علي قوله : ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ألهاكم التكاثر .
على تفسير رؤية الجحيم قبل معاينتها أنه في القبر.
والأحاديث على كل حال في ثبوت عذاب القبر معلومة متواترة ، والإيمانبه من عقائد أهل السنة والجماعة ولم ينكره إلا أهل البدع .
والله أعلم