إن كنت تقصد المرأتين اللتين جاء ذكرهما في سورة القصص في قصة ورود موسى عليه السلام ماء مدين وما جرى بعد ذلك من سقايته لهما غنهما ثم ذهابه إلى والدهما بدعوة منه وزواجه بواحدة منهما أخيراً، كما جاء في قوله تعالى (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ..) إلى آخر الآيات
فقد ذكر جماعة من المفسرين أن هذا الرجل هو شعيب عليه السلام وهذا ترجيح القرطبي رحمه الله، وأن المرأتين بناته وأن اسم إحداهما ليا والأخرى صفوريا.
وقيل إن هذا الرجل الصالح هو يثرون ابن أخ شعيب عليه السلام.
وقيل بل هو رجل صالح من أهل مدين لا يعلم اسمه وليس هو النبي شعيب لأن زمانه متقدم على زمان موسى عليه السلام كثيراً فهو أقرب إلى زمن لوط وإبراهيم عليهما السلام، وهذا القول مال إليه ابن كثير والطبري رحمهما الله.
قال الطبري رحمه الله: "الصواب أن هذا لا يدرك إلا بخبر، ولا خبر تجب به الحجة في ذلك".
وبناء على هذا القول فلا تكون هاتان المرأتان بنات شعيب عليه السلام ولا لعلم إن كان لشعيب عليه السلام بنات أصلاً.
والأولى الانشغال بفوائد هذه القصة وموقف المرأتين أكثر من الانشغال باسميهما وهل هما بنات شعيب عليه السلام أم لا، فلو كان في ذلك علم نافع ينبني عليه عمل لأخبرنا به القرآن أو نبينا عليه السلام.
فمن فوائد هذه القصة:
- ما ينبغي أن يكون عليه موقف المرأة المسلمة العفيفة لم تضطر إلا العمل وتحتاجه من عدم مزاحمة الرجال والجرأة عليه، مع تجنب الاختلاط قدر المستطاع.
- أنه ينبغي للمرأة القرار في بيتها وتجنب مجامع الرجال ومخالطتهم إلا إذا احتاجت إلى ذلك حقاً، وهذا واضح من اعتذار البنتين عن خروجهما بكون أبوهما شيخ كبير، يعني لا كبره لما احتجنا للخروج.
- صفة الحياء التي يجب أن تكون عليها البنت خاصة لما تحتاج إلى مخاطبة الرجال، كما وصف الله مجيء المرأة (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء).
والله أعلم