لرحم أو ذوي الرحم هم الأقارب من النسب من جهة الأب والأم، فكل شخص ترتبط به بعلاقة عن طريق أمك أو أبيك فهو رحمك (مثل الأخت وبنت الأخت، والجدة والخالة والعمة، والأخ وابن الأخ وابن الأخ والجد والعم والخال) قال الله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) سورة الأنفال/75
- وترتيب الأرحام بالصلة يبدأ من الأمهات ثم الآباء والأجداد والجدات والأولاد وأولادهم ما تناسلوا، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم.
- وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سأله سائل قائلاً: من أبر يا رسول الله؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أباك، ثم الأقرب فالأقرب) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
- أما أقارب الزوجة بالنسبة للزوج: فليسوا أرحاماً لزوجها إذا لم يكونوا من قرابته، ولكنهم أرحام لأولاده منها، وكذلك أقارب الزوج بالنسبة لزوجها: فليسوا أرحاماً لها إذا لم يكونوا من قرابتها، ولكنهم أرحاماً لأولادها منه.
- والرحم نوعان:
1-رحم خاصة: وهي الرحم التي تكلمن عنا سابقاً.
2- ورحم عامة: وهي أن جميع المسلمين هم أرحامك بداية من الجيران والأصدقاء وأهل الحي وأهل البلد وجميع المسلمين في العالم.
- وحكم صلة الرحم واجبة على الذكر والأنثى - فكثير من الناس يعتقدون أن صلة الرحم واجبة على الذكر فقط دون الأنثى - وهذا فهم خاطئ للنصوص الشرعية التي حثت على صلة الرحم دون أن تحدد أن صلة الرحم منوطة بالذكر فقط.
- عن أمّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (الرحمُ معلَّقةٌ بالعرشِ تقولُ: من وصلني وصله اللهُ، ومن قطعني قطعه اللهُ) رواه مسلم.
- والصلة تكون من خلال الاتصال الهاتفي أو الزيارة أو الصدقة، كما تكون بالإحسان إليهم، وعيادة مريضهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وغير ذلك.
- قال الإمام النووي رحمه الله: " صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك ".
-وقد اعتبر الإسلام قطيعة الرحم من المعاصي والإثم والعدوان، كما اعتبرها من أعظم الكبائر التي تستوجب العقوبة لصاحبها يوم القيامة، وقد قرن الله تعالى بينها وبين الإفساد في الأرض في كتابه العظيم، حيث قال عزّ وجلّ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) سورة محمد آية: 22-23.
-وعليه: فحكم قطيعة الرحم: محرم. وسبب في عدم دخول الجنة، فقد ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) رواه مسلم.
- فالإسلام حثنا ورغبنا على صِلة الرحم لما له أجر وثواب من الله تعالى، فأول ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم الناس عندما وصل إلى المدينة المنورة، هي صلة الرحم فقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم: أنه جاء إلى المدينة المنورة، فاجتمع الناس حوله لاستقباله، وهم يقولون: قَدِم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ سمعت عبد الله بن سلام وهو يقول: (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
-فقد جاء الإسلام ليكون مجتمعنا مجتمع متماسك قوي يسوده الألفة والمحبة، ويحثنا على التسامح والعفو وينفرنا من البغض والحقد والقطيعة، فقطيعة الأرحام تورث قسوة القلب وتنشأ أجيال متقاطعة محمولة بالحقد والكراهية.
- وأن قاطع الرحم لا يرفع له عمل إلى الله تعالى إذا استمر وأصر على قطيعته للرحم حتى وفاته فيكون بذلك قد استحق النار وحرم الله عليه الجنة والعياذ بالله من ذلك.
-فصلت الرحم لها فوائد كثيرة جداً منها:
1- تؤدي إلى رضا الله تعالى ومحبته لعبده.
2- وهي سبب من أسباب طول العمر والبركة فيه.
3- وتعد سبب كبير من أسباب زيادة الرزق كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من سرَّهُ أن يُبسَطَ علَيهِ في رزقِهِ، ويُنسَأَ في أثرِهِ، فليَصِلْ رحمَهُ) رواه أبو داود وصححه الألباني.
- ولأن قطيعة الأرحام تعد من الكبائر ومن المعاصي التي من الممكن أن تدخل صاحبها النار فلا بُدّ من التسامح والعفو والمبادرة إلى الإصلاح لأن خير المتخاصمين من بدأ بالسلام، وينبغي أن يبادر الشخص إلى الصلح وأن يتوب إلى الله تعالى ويصل رحمه حتى يقبل عمله كاملاً.
- ومن آثار قطيعة الرحم تعجيل عقوبة قطع الرحم في الدنيا لما ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
- وقد يحتج البعض بقطيعة الرحم أن رحمه وأقاربه يسؤون إليه - وأنه يقطعهم بسبب هذه الإساءة وحتى يتجنب شرهم - فنقول له بأن إساءة الأقارب لا تبيح قطيعتهم، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها). أخرجه البخاري.
- وعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: (لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) أخرجه مسلم.
والله تعالى أعلم.