ما هي مظاهر عناية المسلمين بالسنة النبوية وما هو دورنا اتجاه هذه القضية اليوم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٢ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 1- كان الصحابة رضوان الله عليهم وفي بداية الدعوة الإسلامية يهتمون بالسنة النبوية ويكتبون كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يكتبون ذلك مع القرآن الكريم ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكتبوا شيئاً مع القرآن الكريم خوفاً من اختلاط القرآن بالسنة النبوية وحتى لا يلتبس عليهم معرفة القرآن من السنة ، فقال صلى الله عليه وسلم : ((لا تكتبوا عنِّي، ومَن كتب عنِّي غير القرآن فَلْيَمْحُه)) أخرجه مسلم.

2- فأصبحوا يحفظون حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صدورهم، كما يحفظون القرآن الكريم، وكان منهم المكثر في ذلك، وكان منهم المقل، وذلك حسب إقامتهم وقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم، فالذي يخرج للجهاد وللمهمات الاستطلاعية وغيرها، يختلف عن الذي جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم ويسمع منه معظم الوقت.

3- لذلك كان أحفظ الصحابة على الإطلاق الصحابي عبدالرحمن بن صخر الدوسي (أبو هريرة) رضي الله عنه - وذلك لملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم .

4- وبدأ تدوين السنة النبوية في عصر التابعين رضوان الله عليهم وأفنوا أعمارهم وأوقاتهم في جمعه وتدوينه وتنقيحه ومعرفة الصحيح منه من الضعيف والموضوع، فكان أول تدوين للسنة النبوية في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - حيث كتب إلى الإمام أبي بكر بن حزم، وهو أمير المدينة وأعلم أهل زمانه بالقضاء: ( انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء).
- وكتب بذلك أيضاً للإمام ابن شهاب الزهري، فقد ذكر ابن عبد البر عن ابن شهاب قال: (أمرَنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً).
- وقد علق الإمام ابن حجر العسقلاني على أوامر عمر بن عبد العزيز فقال: ( وأول من دوّن الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد) .

5- والمقصود بتدوين السنة النبوية : هو جمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حسب المواضيع أو حسب الصحابي وكتابتها في كتب منفصلة عن القرآن الكريم.

6-  ثم جاءت مرحلة التصنيف: حيث تم ضَمُّ الموقوف والمقطوع إلى جانب المرفوع من الحديث، فدوَّن الأئمة أقوال الصحابة والتابعين مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء ذلك في (موطأ الإمام مالك)، وكانوا يؤلفون كل باب على حدة، ومنهم من ألَّف كلَّ الأبواب، ومنهم مَن اقتصر على أبواب الأحكام فقط .

- أما ما هو دورنا اليوم تجاه السنة النبوية ؟
1- فالسنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي ، والإيمان بها واجب وعدم الإيمان بها كفر ، وهي مهمة جداً في فهم ديننا ، فقد جاءت شارحة ومبيّنه ومفصلة ومقيدة لما جاء في القرآن الكريم ، ولذلك جاء الأمر الرباني بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (سورة النساء: 59).

2- وبما أن السنة وحي من عند الله تعالى كالقرآن الكريم ( إن هو إلا وحي يوحى) والله تعالى أمرنا بإتباع ما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فكما أن القرآن الكريم واجب الإتباع فكذلك السنة النبوية .

3- ودورنا هو أن نفهم السنة النبوية وأن نتعلمها ونطبقها في الواقع كمنهج حياة ، ولا نكتفي بالقرآن وحده ، وأن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم هي سبيل الفلاح والنجاة من النار ، ففي الحديث الصحيح (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى! قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) أخرجه البخاري.
 
4- ودورنا كذلك في تعليم هذه السنة النبوية لغيرنا من الأهل والأولاد والأقارب والجيران والمسلمين بشكل عام ، ففي الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم : (بلِّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرَج، ومَن كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأْ مقعدَه من النار)  رواه البخاري.

5- كذلك علينا نشر هذه السنة بكل ما أوتينا من جهد وطاقة سواء على المستوى الفردي أو الرسمي، وذلك من خلال : ( طباعة كتب السنة ، والاهتمام بها ، وتعليمها للجيل ، وإرسال بعثات علمية دعوية إلى مختلف بلاد العالم ليعرفوا من هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو الإسلام وما هي تعاليمه؟؟ وكذلك من خلال نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتذكير الناس بها ، وبيان الصحيح من الضعيف والموضوع منها .

6- ودورنا كذلك هو الدفاع عنها ورد الشبهات حولها من خلال لإفساح المجال للمختصين بها أن يناظروا أهل الشبهات حولها .

7- وأهم من ذلك كله هو تطبيق هذه السنة على أنفسنا وفي بيوتنا وعلى نسائنا وأولادنا وباتنا وفي أكلنا وشربنا ولباسنا ونومنا وليلنا ونهارنا وفي كل حياتنا حتى نستحق شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .