مظاهر تكريم الإسلام للمرأة كثيرة منها:
1. أنه يجعلها في العبادات والتكاليف والثواب والعقاب شأنها شأن الرجل من حيث الأصل إلا في القضايا التي تناسب جنساً دون الآخر، فيخص كل واحد منهما حينها بالحكم الذي يناسبه، فليس كونها امرأة يجعلها في مرتبة أقل.
فالمنزلة عند الله بالتقوى وهذه ينالها كل واحد بعمله، فقد تفوق المرأة وتفضل على كثير من الرجال.
والله خاطب المرأة بالإيمان والصلاة والصيام والحج والزكاة والصدقة والذكر وغيرها من العبادات كما خاطب الرجل وأمرهن بها كما أمر الرجال، وإن كانت هناك بعض التفاصيل والشروط التي تختص بأحد الجنسين دون الآخر لكون ذلك هو الأليق بخلقه.
جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما النساء شقائق الرجال). (رواه أبو داود والترمذي).
قال العلماء معناه: أنهن مثل الرجال في الخطاب والتكليف والثواب والعقاب إلا ما استثناه الشارع.
2. الإسلام يجعل للمرأة ذمة مالية مستقلة فلها مالها الذي تتصرف به كيفما تشاء ما دام في الحلال، وليس لأحد ولو كان زوجها أن يتسلط على مالها ويمنعها من التصرف به.
3. المرأة مصونة محفوظة على أي حالة كانت أماً أو أختاً أو بنتاً أو زوجة، فليست مسؤولة عن النفقة على نفسها بل يلزم الشارع وليها أباً أو زوجاً أو أخاً بالنفقة عليها وحفظها وكفايتها مؤونتها.
4. أعظم حق في الإسلام بعد التوحيد وحق الله هو حق الوالدين، وحق الأم مقدم على حق الأب.
ولما جاءت الآيات تنبه على حق الوالدين أشارت إلى تعب الأم ونصبها في الحمل وما قاسته من آلام في الوضع، كما قال تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً).
ولما جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام وسأله: من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك ثم الأقرب فالأقرب (رواه أبو داود).
وهذا فيه أعظم تكريم للأم، حتى جعل الله سخطه في سخطها.
5. الإسلام يصون المرأة ويحفظها عن أعين الطامعين ومرضى القلوب الذين يرغبون النظر إليها لقضاء شهوتهم الفاجرة ونيل مآربهم الفاسقة فيحضونها على الخروج متبرجة ليروا منها ما يشتهون فيجعلونها سلعة رخيصة للمتعة والتسلية.
أما الإسلام فيصونها بالحجاب والجلباب عن أعين الطامعين فلا يطمع فيها من في قلبه مرض، ولا يحل لأحد أن يلمسها أو يتمتع بها إلا زوجها الذي أخذها بميثاق غليظ هو كلمة الله.
6. الإسلام يأمر الزوج أن يكرم زوجته ويحافظ عليها ويعاشرها بالمعروف، ويجعل خير الرجال الذي يكرم زوجته، حتى كانت الوصية بالنساء وإكرامهن من آخر وصايا رسول الله قبل وفاته.
قال تعالى (وعاشروهم بالمعروف).
وقال عليه الصلاة والسلام (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) (متفق عليه).
وقال عليه الصلاة والسلام (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) (رواه أبو داود والترمذي)
وكان عليه الصلاة والسلام قدوة لنا في ذلك حتى أنه لما سئل على مشهد من الناس عن أحب الناس إليه لم يستح أن يقول "عائشة"!.
والمظاهر كثيرة لو تتبعناها وأردنا استقصاءها، وهذا لا ينفي أن الإسلام جعل للرجل درجة على المرأة في بعض النواحي خاصة الأسرية من باب ترتيب الأمور وإعطاء كل ذي حق حقه، وليس في ذلك إهانة للمرأة أو تحقيراً لها.
ثم عليك أن تعلم أن ما يعده الغرب وأتباعهم اليوم تكريماً للمرأة هو في الحقيقة إهانة وامتهان لها، لأنهم يعدون غاية التكريم للمرأة أن تزاحم الرجل في جميع مناحي الحياة وتختلط به وتلبس ما شاءت وتفعل ما شاءت، حتى تصبح مجرد أداة تسويقية تباع بصورها السلع!
فشتان شتان بين النظرتين.
والله أعلم