المكروه: هو كل ما نهى عنه الشرع نهيا غير جازم.
وقيل: هو كل ما طلب الشرع الكف عنه لا على سبيل الحتم والإلزام.
ما تركه خير من فعله، وقد تطلق الكراهة في كلام الفقهاء ويراد بها التحريم، أو نهي التنزيه، أو ما تركه أولى.
- وإذا جاء الأمر مطلقاً دل على التحريم كقوله تعالى: ولا تقربوا الزنى) فدل على أن الزنا محرم.
- أما إذا جاء الأمر فيه النهي وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أذن بفعله فقد دل على الكراهة، أو أن تركه أولى من فعله.
ومثال ذلك: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يغتسل الرجل بفضل زوجته أن تغتسل الزوجة بفضل زوجها، ولكن جاء في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة رضي الله عنها.
- ومن الأمثلة على المكروهات: (كثرة النوم، كثرة الطعام والشراب، كثرة الضحك، كثرة الكلام....).
والكراهة تنقسم إلى قسمين:
1- كراهة تنزيهية: يعني يستحب للمسلم أن يتجنبها ويبتعد عنها كالأكل متكئاً، وكالشرب قائماً. والنهي عن الشرب من فم القربة الذي ثبت النهي عنه، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة، وقد ثبت ما يصرف هذا النهي عن التحريم، وهو شربه صلى الله عليه وسلم من فم القربة، ففي سنن الترمذي من حديث كبشة بنت ثابت الأنصارية قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائماً. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، فقد بين شربه من فم القربة أن النهي إنما هو للتنزيه.
2- كراهة تحريمية: هي ما ثبت النهي الشرعي فيه ولم يوجد صارف يصرفه عن التحريم، مثال (نوم الرجل على فراش الحرير، الشرب في إناء الذهب، قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ولبس الحريرِ والذهبِ للرجال، والبيع على البيع، والخِطبة على الخِطبة)
- ومن أمثلة ذلك المنهيات في سورة الإسراء المشتملة على الشرك وعقوق الوالدين والقتل والزنى وأكل مال اليتيم. وقد قال الله تعالى في ختام الحديث عنها: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سيئة عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً {سورة الإسراء: 38}.
- ومعنى الكراهة التحريمية أي (التحريم) أي من فعلها فقد ارتكب محرماً وهو آثم وعليه التوبة النصوحة لله تعالى.
- ويقول العلماء لا يلزم أن الله عز وجل إذا كره أمر أنه يكرهه في حقيقة الأمر، لأن حكم الكراهة بالمعنى الاصطلاحي هو ما نهى الشرع عنه نهيا غير جازم، ما يوجب تناقضا، وإنما هو نظير المندوب الذي هو ما أمر به الشرع أمراً غير جازم.
- فقد يأمر الشرع بأمر ولا يؤكده تأكيد الواجبات، فلا يمتنع أن ينهى الشرع عن فعل من غير تأكيد للنهي عنه كما يؤكد في المحرمات، وذلك لأن المفاسد تتفاوت رتبها، فناسب ذلك أن تختلف الأحكام فليست مفسدة الكبيرة كمفسدة الصغيرة، ومفسدة المحرم ليست كمفسدة المكروه.
- قال الإمام العز بن عبد السلام: في بيان رتب المفاسد وهي ضربان: ضرب حرم الله قربانه، وضرب كره الله إتيانه، والمفاسد ما حرم الله قربانه رتبتان إحداهما: رتبة الكبائر وهي منقسمة إلى الكبير والأكبر والمتوسط بينهما، فالأكبر أعظم الكبائر مفسدة، وكذلك الأنقص فالأنقص، ولا تزال مفاسد الكبائر تتناقص إلى أن تنتهي إلى مفسدة لو نقصت لوقعت في أعظم رتب مفاسد الصغائر، وهي الرتبة الثانية، ثم لا تزال مفاسد الصغائر تتناقص إلى أن تنتهي إلى مفسدة لو فاتت لانتهت إلى أعلى رتب مفاسد المكروهات، وهي الضرب الثاني من رتب المفاسد، ولا تزال تتناقص مفاسد المكروهات إلى أن تنتهي إلى حد لو زال لوقعت في المباح