قد يتفق معي البعض، وقد يختلف معي الأغلبية. أنا شخصيا أعتقد أنه من المفترض أساسا أن تكون العلاقة الزوجية علاقة عاطفية سليمة، تربط بين شخصين، بعد الشعور بالانجذاب والاتفاق والقدرة على التواصل. وتعدد الأزواج يعني بشكل مباشر، تعدد العلاقات العاطفية، وهو أمر غير منطقي وغير مفهوم ولا أخلاقي.
إن الرجل متعدد الزوجات على الأغلب شخص ذكي، قادر على التحايل والإقناع، وعنده مهارة وقدرة على خداع الفتيات لجذبهن، رغم ارتباطه بزوجة، وهو شخصية تحب استعراض إمكانياتها، ويعجبه أن يكون محط إعجاب ولفت أنظار الناس خاصة السيدات.
ورغم أن الدين الإسلامي قد سمح بتعدد الزوجات، ورغم أن المجتمع يبرر للذكر تعدد الزوجات، إلا أن الشرع قد وضع شروطا معينة، تفاصيلها كثيرة، ولا تنطبق إلا على جزء صغير جدا من الناس. وللأسف يقوم الكثير من الناس مخطئين بتبرير الزواج المتعدد، بأنه موضوع غريزي، وأن الرجل لا تكفيه امرأة واحدة، وأنه بطبيعته قادر على أن يملك العاطفة تجاه أكثر من امرأة واحدة بسبب تركيبته البيولوجية، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق، ولا يرتكز إلى حقائق علمية، ولا يرتقي إلى المستوى الأخلاقي المفترض للإنسان، كما أنه أمر فيه ضرر كبير نفسية النساء وعلى مستقبل أبنائهم وعلى الحالة المادية للأسرة وعلى الترابط الأسري في المجتمع، ومنفعته لا تذكر، وهي في حقيقة الأمر تسبب مشاكل نفسية واجتماعية ويتبعها مشاكل صحية واقتصادية، كما أنها ظاهرة غير صحية على الإطلاق.
إن تعدد الزوجات يعود بالأساس إلى حالة نفسية أو مرض نفسي أو اضطراب سايكولوجي لدى الرجل، فهذا الشخص الذي يقوم بإقامة علاقات متعددة بزواجه من أكثر من امرأة واحدة، مع الأسف الشديد، يتصف بما هو غير رجولي وغير مقبول إنسانيا، وعلى الأغلب أن سببها هو أنه خلال حياته، أو أثناء طفولته، كان قد تعرض إلى حالة من الضغوط، أو كان يعيش حالة اختلاف بين أمه وأبيه أو أحد المقربين له، وقلة ثقة بالنفس وتشوه الصورة الداخلية له تجاه نفسه، فيقوم بمحاولة التعويض عن هذا الأمر عن طريق تعرفه وارتباطه بأكثر من امرأة.
أعتقد أنه يجب منع التعدد بنص قانوني، لأن الأسباب التي تؤخذ من أجل تحقيق الزواج الثاني أصلا خاطئة ومبنية على حجج زائفة، فالأسباب على الأغلب جنسية بحتة، أي تلبية لرغبات الرجل الجنسية بطريقة يحللها هو لنفسه. كما أن الزواج من الثانية أو الثالثة لا يقلل المشاكل الموجودة أصلا في الأسرة وفي المجتمع، على العكس، هي تزيدها، وأصلا القاعدة الأساسية لمؤسسة الزواج في بلادنا، تعاني مشاكل في الوطن العربي، وعلينا حل المشاكل الجذرية للأسرة على نحو أساسي، قبل التفكير في التعداد وزيادة هذه المشاكل. وإحدى هذه المشاكل هي الخيانات ومن ثم الزواج من ثانية، وحقيقة لا توجد إحصائيات مختصة بدراسة الخيانات الزوجية وعدد حالات الانفصال التي تسببها الخيانة.
يجب إعادة الاحترام لمؤسسة الزواج، بوصفها مؤسسة قائمة على المودة والرحمة، وقائمة على السكينة، ووقف تدمير الحياة الأسرية، لأن الزواج المتعدد عادة ما يتبعه طلاقا، كذلك يتطلب منا وقف الإهانة للمرأة، واعتبارها ممتلكا لدى الرجل، وتشتيت للأطفال الذين هم نتاج هذه العشوائية في تكرار الزواج، والتشجيع على الاكتفاء بالعلاقة الجسدية مع الزوجة الواحدة، فالعلاقة الجسدية تعتبر جزء أساسي في العلاقة الزوجية، وكذلك على الدولة أن تتوقف عن السماح للرجال بتعدد الزوجات بحجة أننا لا نريد أن يضطر إلى ارتكاب الحرام.
خلق الله آدم، وخلق له حواء، ولم يخلق له حينها أكثر من حواء، إذا الأصل في العلاقات أن تكون أحادية، وهي الأمر الأكثر منطقية وأقرب إلى الغريزة الفطرية السليمة.