تعد أساليب الاضحاك والسخرية متأصلة في الادب العربي منذ القدم, ومن أبرز أساليبها أنها لا تُضحك او تسخر عبثاً إنما يكون هناك معنى عميق وخفي وراء هذه السخرية والاضحاك. ففي السخرية تعبير عن معاناة الشعوب ولمس جراحهم ومأساتهم وأرواحهم المتعبة بطريقة مبطنة , فتصبح السخرية هذه موجعة أكثر من البكاء, أيضاً يكون في بعض الأحيان هذا الهزل مبطناً بالجد من حكم ومواعظ, أو فيه انتقاد لفئة معينة من الناس لا يمكن انتقادهم بصورة مباشرة فيتم توريته بالهزل, ومن الممكن أيضاً السخرية والهزل بقصد المتعة والتسلية, واذكر لك بعض أعلام الفكاهة والسخرية مع توضيح لأسلوبهم بذلك:
- الجاحظ , يعد الجاحظ من أبزر أعلام عصره في الهزل والسخرية, فقد ألف كتاباً كاملاً اسمه البخلاء , ويرى الجاحظ أن الضحك "مشروع فني وفكري ورؤية للانسان" فقام أسلوبه في كتابه هذا على النوادر , فيذكر مواقف البخلاء وصفاتهم ويقوم بانتقادهم بطريقة مضحكة لاذعة, وهو يرى ان الضحك ليس أمراً عبثياً ثانوياً بل يراه مهماً ويقوم بشحن طاقات النفس..
- الهمذاني, تعد مقامات الهمذاني التي برزت في عصر الانحطاط من أهم الامثلة على اساليب الاضحاك, فالمجتمع في حالة يرثى لها لما وصل إليه من أحوال ولاأى أن الاحوال تتدهور, فأنتج المقامات التي تعالج هذا المجتمع المنهار بطريقة هزلية مضحكة ساخرة, تبطن في طياتها معاني الاصلاح وتمكين المجتمع ورفعه لمستوى اعلى مما فيه, بطريقة تخفف على الناس ما هم فيه من وضع مزرٍ, فتعد مضحكة ولكنها بطريقة تحزن عليها النفس..
- بشار بن برد, يعد الشعر بشار بن برد من الشعراء العباسيين الذين نظموا شعراً في السخرية, بل كان منه شعر هجاء مقذح يذم فيه بعض المسؤولين في عصره.
أيضاً يعد المعري وغيره الكثير ممن كتبوا في هذا النوع من الأدب, ونستنتج من هذا أن اساليب الاضحاك تعددت باختلاف شخصيات كتابها ومجتمعهم وغاياتهم من هذا الضحك, فقد يكون ضحكاً للتسلية أو النقد اللاذع أو لإظهار آلام الشعوب المقهورة بطريقة ساخرة ..