ما هو حكم دفع الرشوة في المصالح الحكومية لجعل المعاملة تمر بشكل أسرع

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٠١ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
هناك تفصيل في هذه المسألة فإن كان دفع الرشوة للتقدم على غير وأخذ دورهم فلا يجوز ، أما إن كان لتحصيل حق بتمرير معاملة ماطلت الجهات بإنجازها ودفع ضرر ذلك عنه فيجوز له الدفع وإن كان يحرم على الموظف الحكومي أخذها .

وتفصيل ذلك :


الأصل في الرشوة أنها محرمة بل قد تكون من الكبائر  لورود اللعن في فاعلها : 

قال تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) ( البقرة ، 188 )
فهذه الآية يدخل فيها رشوة الحكام لأكل أموال الناس بالباطل وأخذ حقوقهم . 

وفي الحديث عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص ( لعن رسول الله  الراشي والمرتشي ) ( رواه أبو داود والترمذي ) 
 
والرشوة المحرمة هي  : ما يعطى لإحقاق باطل أو إبطال حق .
فيتوصل بها صاحب الرشوة إلى أخذ ما ليس بحق له وأكل حق غيره بالباطل عن طريق هذا المال .
قال ابن تيمية رحمه الله ( قال العلماء: أن من أهدى هدية لولي الأمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدي والمهدى إليه وهذه من الرشوة.)
.
أما ما كان يدفع مصانعة أو توددا ليقضي مصلحة مشروعة فليس برشوة محرمة شرعا .

وكذلك ما يدفع للتوصل إلى أخذ الحق أو دفع الضرر غير المشروع ، فلا بأس للدافع دفع مثل هذا المبلغ إذا تعذر عليه الوصول إلى حقه أو دفع الضرر عنه بغير هذا المبلغ ، وإن كان يحرم على الآخذ أخذ مثل هذا المبلغ مقابل إعطاء الناس حقوقهم أو كف شره عنهم. 

فالرشوة في مثل هذه الحال حلال على الدافع للحاجة ، محرمة على الآخذ لأن الأصل أن يقوم بواجباته ويقضي حاجات الناس دون أخذ هذه المبالغ منهم .

وبالنسبة إلى دفع الرشوة لجعل المعاملة تمر أسرع في المعاملات الحكومية ، يفصل : 
- فإن كان في دفع تلك الرشوة تقديم للمعاملة على غيرها وأخذ حق الغير بحيث يلحقهم من ذلك ضرر ، ولو تركت المعاملة في وضعها الطبيعي لأنجزت شأنها شأن غيرها في وقت لا يلحق صاحبها ضرر غير مستحق من التأخير ، فلا يجوز في مثل هذه الحال دفع الرشوة وهي محرمة على الطرفين وملعون دافعها وآكلها .

- أما أن كان هناك مماطلة أصلا من الموظفين الحكومين - كما الواقع في كثير الدول - وتأخير متعمد للمعاملات بحيث يدخل ضرر على أصحابها وقصدهم من ذلك دفع أصحاب المعاملات إلى دفع الرشوة لتمرير معاملاتهم ، فهنا نقول يجوز لصاحب المعاملة دفع الرشوة للوصول إلى حقه بإنجاز معاملته ودفع الضرر عنه ، مع حرمة ذلك على الموظف الحكومي ويستحق وحده اللعنة بأكلها . 

والله أعلم