لقد تجلّت قدرته سبحانه في كل شيء خلقه من السماوات بما فيها من عظمةٍ وجلال إلى الأرض وما عليها من عجائب المخلوقات التي تمَّ خلقها بإبداعٍ وإتقانٍ وكمال فكما قيل في قديم الزمان ليس بالإمكان أبدع مما كان. تجلّت قدرته في خلق المجرّات وما يدور فيها من الأفلاك والكواكب الهائلة في حجمها العظيمة في خلقتها وفي الذرّات التي هي أصغر الجزيئات وما يدور فيها بانتظام من إلكترونات ونواة. ومن بعض مظاهر قدرته الجبال الشامخات الراسيات التي ثبَّت الأرض بها كالأوتاد والبحار والمحيطات بما فيها من غرائب وأسرار ومع كون مياهها متجاورة متلاصقة فإنها لا تختلط ببعضها {مَرَجَ البحرين يلتقيان* بينهما برزخٌ لا يبغيان}.
ومن مظاهر قدرته ما نراه في الكون من رياح وأمطار وبرق ورعد وما نطالعه كل يوم حولنا من المشاهد في الطبيعة التي تحيط بنا من تنوّع الأشجار والثمار وتعدد ألوان وروائح الأزهار والطيور بأشكالها البديعة والحيوانات بصورها الفريدة كلها تشهد بقدرة الله تعالى التي لا حد لها ولا قياس ولا منتهى لها ولا يمكن أن يدركها بعقولهم الناس ومن أعجب مظاهر قدرته أن مليارات النجوم والكواكب تدور في هذا الكون بنظام ودقة متناهية ومع ذلك لا تصطدم ببعضها ولا يسبق كوكب آخر في دورته الفلكية {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ*وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
وفي خلق الإنسان نرى عجائب من قدرته الربانية سبحانه جلَّ سلطانه فكل عضو من اعضاء الإنسان وكل جهاز من أجهزته يدل بدقته وبديع صنعته على عظمة صانعه وخالقه فتبارك الله أحسن الخالقين الذي قال {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
فكيف بعد كل هذه المظاهر الكونية التي تشهد لخالقها بالعظمة والقدرة يجحد الإنسان ربّه أو يُعرِض عنه بقلبه؟!