الرد على الأخت التي قالت أن الإسبال للرجال مكروه…
قال الشيخ ابن عثيمين: أما الوجه الثاني أن يقع الإسبال لا على وجه الفخر والخيلاء، فعقوبته أهون لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ما أسفل من الكعبين ففي النار»، أي: أن ما نزل من الكعبين فإن صاحبه يعذب عليه بالنار، فيكون العذاب على قدر النازل من الثوب عن الكعبين، وهذه العقوبة أهون من العقوبة الأولى، ومن ثم نقول: إنه لا يمكن أن يقيد هذا الحديث المطلق بالحديث السابق، وهو «من جر ثوبه خيلاء» ذلك لأن العقوبتين مختلفتان، وإذا اختلفت العقوبتان امتنع حمل أحد الحديثين على الآخر، لأنه يلزم منه تكذيب إحداهما بالآخر، عقوبة هذا كذا، وعقوبة هذا كذا، مع أن العمل واحد، وبهذا نعرف أن ما يتعلل به بعض الناس إذا نهيته عن إسبال ثوبه أو سرواله أو مشلحه، قال: أنا لم أفعله خيلاء، فهذا التعلل الذي يتعلل به لا وجه له، وذلك لأن العقوبتين مختلفتان، فلا تحمل إحداهما على الأخرى، وقد نص علماء الأصول رحمهم الله على أنه إذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل المطلق على المقيد، وضربوا لذلك مثلاً بطهارة التيمم وطهارة الوضوء، فالله سبحانه وتعالى قال في الوضوء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، وقيد الغسل بالمرافق، وقال في التيمم: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾، ولم يقيدها بالمرافق، فكان موضع التيمم الكفين فقط، أما الوضوء فموضعه الكفان والذراع والمرفق، ولم يحمل المطلق في التيمم على المقيد في الوضوء، وذلك لاختلاف الحكم بين الطهارتين، وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يعرفها، وهي أنه لا يحمل المطلق على المقيد مع اختلاف الحكم.