لماذا يوصف الشاعر المتنبي بالغرور وما هي شواهد ذلك

1 إجابات
profile/أسماء-وليد-أحمد-شاهين
أسماء وليد أحمد شاهين
بكالوريوس في آداب اللغة العربية (٢٠١٧-حالياً)
.
٢٩ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
يفسر الدکتور محمد جواد إسماعيل غانمي في بحث له حول "الاعتداد بالنفس في شعر أبي الطيب المتنبی " غرو المتنبي بعدة أفكار أذكر لك جزئية منها ..

يعد شعر المتنبي في الفترة الأولى من حياته يزخر بالفخر و الاعتداد والغرور بالنفس اعتداداً وغروراً مفرطاً, فهو يرفع نفسه على كل الناس حوله و يزدريهم و يحقد عليهم حقداً شديداً  ويحقد على زمانه أيضاً. و تتّسع المبالغة عنده و نظنّ ظنّاً انّها جاءته من عقائد الشيعة في ائمتهم و ما كانوا يضعونه عليهم من صفات إلهية، و قد تحوّل بها الى فخر و حديث عن نفسه و مديحه و حديثه عن غيره وكانّه يظنّ ممدوحيه أنصاف آلهة.

 

 وخرج من السجن وقد آمن بأنّ سلطانه الذي ينبغي أن يفرضه على الناس هو الشعر. فعاد إليه و تجول في الشام يمدح الولاة والعمّال، و سرعان ما تعرّف على بدر بن عمار والى دمشق و وجد عنده ما كان يأمله من عطاء كما وجد فيه الأمير العربي الذي كان يبحث عنه، فخصّه بخير مدائحه في تلك الحقبة من الزمن و مدح كثيرين غيره و نال جوائز, و شعره في هذه الفترة كالتي قبلها يملؤه بالفخر والمبالغة المسرفة بنفسه.

 
يقول: مَلأى السنابل تنحني بتواضعٍ … والفارغات رؤوسهنّ شوامخُ




 والاصل أن الشاعر حين يمدح ممدوحاً لا يفكّر الا في ممدوحيه, امّا المتنبي فكانت تشغله نفسه و كان دائم الذكر لها و لما يحسّه من ثورة على الناس و نظامهم الاجتماعي والسياسي.


 ثَمّ جعل مدائحه شراكة بينه و بين ممدوحيه, حيث يضع فيها نفسه أوّلاً و لعلّ ذلك السبب ما جعله ينصرف في الاغلب عن الغزل و النسيب يقدّم بهما قصائده فهو يعيش في نفسه فقط, و امثاله لا يحسّون بالحبّ.

يقول: ما بقومي شرفتُ بل  ... شرفوا بي و بنفسي فخرتُ لا بجدودي
وبهم فخرُ كلّ مَن نطق الضا ... د وعوذ الجاني وغوث الطريد

انّما يحسّ بآماله و مطامحه و ما يجيش في صدره من ثورة على المجتمع والزمن. و كل ذلك يضعه في مطالع قصائده مقدمةً تميّز بها مِن بين الشعراء العرب.

 

وكان ابو الطيب المتنبي الشاعر الذي خُلّد مع فنّه و شعره, فقد كان شاعراً كما يتبيّن في شعره متكبراً أبيّاً معجباً، بَعيد الهمة و كان ايضاً شجاعاً عظيم الإقدام, و سطرت عليه أخلاقه هذه و لعبت بحياته، فجعلته متعالياً عن شعراء زمنه غروفاً عن مسايرتهم في اللهو و المجون و معاقرة الخمر, و كان ايضاً صادق وصريح القول.

قال عليّ بن حمزة فيه: "انّه لم يكذب قط و من آثاره هذا أنه كان ينفر من التكلف و يفضل البداوة علي التحضّر."

ومن ابياته التي يظهر فيها غروره:

قُضاعَةُ تَعلَمُ أَنّي الفَتى الـ .. ـلَذي اِدَّخَرَت لِصُروفِ الزَمانِ


وَمَجدي يَدُلُّ بَني خِندِفٍ ... عَلى أَنَّ كُلَّ كَريمٍ يَمانِ


أَنا اِبنُ اللِقاءِ أَنا اِبنُ السَخاءِ ... أَنا اِبنُ الضِرابِ أَنا اِبنُ الطِعانِ


أَنا اِبنُ الفَيافي أَنا اِبنُ القَوافي ... أَنا اِبنُ السُروجِ أَنا اِبنُ الرِعانِ


طَويلُ النِجادِ طَويلُ العِمادِ ... طَويلُ القَناةِ طَويلُ السِنانِ


حَديدُ اللِحاظِ حَديدُ الحِفاظِ ... حَديدُ الحُسامِ حَديدُ الجَنانِ


يُسابِقُ سَيفي مَنايا العِبادِ ... إِلَيهِم كَأَنَّهُما في رِهانِ