لماذا برأيك يعتقد النرجسيون بأنهم الأفضل دائماً؟

1 إجابات
profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٢١ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 
     ربما جميعنا نعترف بسهولة أننا المفضلون لدى أنفسنا، وأننا في بعض الأحيان نبالغ في حب ذاتنا وتعظيمها. لكن ماذا لو كان الأمر يصل إلى مرحلة متقدمة جدًا! حيث يتصرف الشخص مع أي أحد آخر على أنه الأفضل والأجمل والأذكى. وذلك ينطبق على كل شيء آخر بحياته إلى حدٍ يصل فيه إلى نفور الناس منه وأمور أخرى تعرقل حياته بجدية.


     هكذا هم النرجسيون. مبالغتهم بتعظيم أنفسهم ليست شيئًا عرضيًا أو ما شابه، بل هي حالة دائمة مبالغ فيها وبلا أي مبرر مقنع وكافي غالبًا. 

     لنتحدث عن "تأثير بحيرة وبيجون"، وهذا التأثير يعني اعتقاد الفرد أنهم يملك مهارات أكثر وأفضل عن باقي المجموعة، إلا أن ذلك لا يتشابه مع الواقع. أما الاسم، فهو آتٍ من برنامج إذاعي تقدمه جاريسون كيللير. ويظهر جميع الأطفال في هذا البرنامج من بلدة بحيرة وبيجون الخيالية بمهارات تقدر بفوق المتوسط، إلا أنه واقعيًا لا يمكن للجميع حقًا أن يكونوا فوق المتوسط. 


     أما لماذا يعتقد النرجسيون أنهم أفصل، أو ما أكثر ما يروه حسنًا في أنفسهم، ويشمل ذلك نظرتهم الشخصية لنفسهم أولًا ثم مقارنتها مع نظرة الأخرين لهم. وللإجابة عن أسئلة كهذه، قام باحثان بطرح ورقة علمية خرجت كنتيجة لتجربة أجرياها على عدد من الأشخاص النرجسيين. وقُدمت هذه الدراسة عام 2016 بهدف فهم مشكلتهم ومناقشتها.


     استعان الباحثان على ما يسمى بالتحليل الاستخلاصي. عمل هذا التحليل على عدد من الدراسات التي تتحدث عن نظرة النرجسيين لأنفسهم، وكيف يحاولون دائمًا على رفع مكانتهم وتعزيزها. في هذه العملية يجري الدارسون بفحص مجموعة كبيرة من البيانات ماخوذة من مصادر متعددة، ثم يجري دراستها والبحث فيها لاستخلاص الصفة السائدة. ومن الممكن الاعتماد عليها إذ كان البحث قد جرى على مجموعة واسعة كفاية من الدراسات. 


     في هذه التجربة، سُمح للمشاركين ملء قائمة بالصفات التي يمكن عن طريقها قياس مدى النرجسية التي يملكها الشخص. ثم بعد ذلك اخذ المشاركون يقيمون أنفسهم ضمن هذه الخيارات ومن وجهة نظرهم الخاصة بشكل كلي. وفي ذات الوقت، أُعطيت هذه المقاييس لمجموعة من الأشخاص هم على معرفة بالمجموعة الأولى، وذلك ليقيموهم من وجهة نظرهم. أما النتيجة الحاسمة ستظهر عند مقارنة إجابات النرجسيين بإجابات معارفهم.


     اتضح بعد الدراسة والمقارنة أن المشاركين يتعمدون رفع قيمة أنفسهم ضمن خيارات معينة، بينما يحدون من تقييماتهم في خيارات أخرى. أما مجموعة الخيارات التي ركزوا على أن يعطوها تقييمًا عاليًا -بينما غالبًا هي أمور لا يراه الغير بهم- كانت تلك التي تخصهم كأفراد منفردين. أي مثل الذكاء، والجاذبية، العظمة، الصراحة، الإنفتاح، القيادة، وكل تلك الأمور التي تجعل الآخرين يتطلعون إليهم بها، وأن يميزهم العالم بصفاتهم و استقلاليتهم الفردية. بينما تلك المقاييس التي تتحدث عنهم كفرد من مجتمع لم يعيروها كبير الانتباه. فمثلًا لم يعززوا تقيمهم في أمور مثل العدل، وامتلاك الضمير، أو أنهم محبوبين، وكان ذلك على عكس ما يراه معارفهم بهم.


     أستغرب حال النرجسيين الذين يصلون لمرحلة كبيرة وخطيرة من حب الذات، وكأننا نعيش فرادى على هذه الأرض!