كيف أفرق بين قدري ونصيبي واختياري للأشياء؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٢٨ يوليو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
هذا السؤال يرجع إلى فهم مسألة القضاء والقدر، ودور العبد وحدود إرادته واختياره، أو كما يعبر البعض: هل العبد مسيّرٌ أم مُخيّر؟


وهذه القضية تتعلّق بالركن السادس من أركان الإيمان؛ وهو الإيمان بالقدر خيره وشره.


وسأجيبك عن سؤالك وأوضّح لك خلاصة ما يجب عليك اعتقاده كمسلمٍ من خلال النقاط الآتية:

  •  الله سبحانه هو خالق الكون وخالقنا، وهو الذي قدّر الأقدار قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وهو سبحانه عليم يعلم كل شيء.

  •  الله سبحانه كتب ما قدّر حصوله عنده في اللوح المحفوظ، فلا يتغيّر شيءٌ من هذه الكتابة، رُفِعت الأقلام وجفّت الصحف.

  •  الله سبحانه اختصّ الإنسان والجنّ من دون سائر المخلوقات بأن مَنَحَهُما إرادة للاختيار، بينما سائر المخلوقات مُسيّرة تَسْيِيراً كاملاً ليس لها مشيئة خاصة بها.

  •  مشيئتك وإرادتك كإنسان تتيح لك أن تختار وتريد في الأفعال الاختيارية ما تشاء، وأنت لا تشعر بأن هناك من يُجبرك على اختيار شيءٍ معين، وهذه المشيئة والإرادة هي محلّ الثواب والعقاب.

  •  هذه المشيئة والإرادة لك كإنسان ليست خارجة عن مشيئة الله، فلا تستطيع معارضتها أو مخالفتها، بل أنت داخلٌ في حدود مشيئة الله، فهو قد أعطاك المشيئة ومنحك القدرة على الاختيار، وهو سبحانه قد يُيسّر لك أموراً فتختار الهداية، وقد يتركك دون معونة فتضلّ.

  •  الله سبحانه هو خالق فعلك؛ بمعنى أنه يخلق فيك الدافع لاختيار هذا الفعل أو ذاك.

وهذه النقاط الثلاثة الأخيرة هي موضع الاشتباك في هذه القضية -أعني قضية القضاء والقدر-، وفيها حصل الخلط وضلّ كثيرٌ من الناس، فبعضهم جعل الإنسان مجبراً لا اختيار له، وهذا خطأ لأنه بذلك يكون مظلوماً إذا عاقبة ربّه على فعلٍ ليس له فيه اختيار، وبعضهم جعل إرادة الإنسان يمكنها أن تحدث في كون ما لا يريده الله، وهذا خطأ لأنه بذلك يكون الإنسان خالقاً ومعارضاً لله تعالى، وهذا لا يكون!


والحق ما أوضحه الله تعالى في قوله في سورة التكوير: (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).[التكوير: 29-30].


فأنت لك مشيئة واختيار، ولكن هذه المشيئة والاختيار تابعة لمشيئة الله فيك وإرادته لك.


لذلك فإن الجواب الصحيح لسؤالك "كيف أفرق بين قدري واختياري" هو: ليس عليك التفريق؛ لأن اختيارك هو ذاته قدرك، فأي شيء وجدت نفسك تميل إليه وتختاره فهو قدرك الذي قدّره الله لك، وأنت تُحاسب على اختيارك لا على القدر الذي قُدّر.


وهنا نقطة مهمة أنصحك بها، وهي ترك التعمّق في هذه المسألة أكثر من هذا التوضيح؛ لأن البحث والغوص فيها أكثر لن يوصلك إلى شيءٍ أكثر من ذلك، وإنما هو مزلّة للفهم ومسيرة للضلال، وإنما عليك أن تؤمن بعدل الله المطلق (ولا يظلم ربك أحداً)، والاكتفاء بجواب نبيّنا عليه الصلاة والسلام لَمّا سُئل هذا السؤال فقال: (اعملوا، فكل ميسر لما خلق له). أخرجه البخاري ومسلم.




  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة