على الأغلب تصيبك هذه المشاعر بسبب تقديرك المنخفض لنفسك، وتأثرك إلى حد بعيد بكلام الآخرين، فيصيبك نوع من التردد والخوف والارتباك بشتى مجالات الحياة، وكلما حاولت الإقدام على خطوة جديدة، تحس بشعور بالخوف وكأنك مقيد وغير قادر على التصرف.
في حقيقة الأمر إن التقدير السيئ لذاتك هو ألد أعدائك لأنه يحدك من حب نفسك ويمنعك من تحقيق أهدافك وطموحاتك، ولهذا السبب سأدلك على الخطوات الصحيحة التي ستجعلك قادر على إيقاف الشعور السلبي والكراهية تجاه نفسك، وتستبدلها بحب ذاتك والرضى عن نفسك.
الخطوة الأولى: استشعار النعم
يقول الكاتب "باولو كويلو" أن النعمة التي يتم تجاهلها، تتحول إلى نقمة عليك"، وأكثر سبب واضح لكره الذات والتقليل من قيمتك لنفسك هو أنك بطبعك تعتقد أن لا شيء يستحق أن تكون سعيدا من أجله، وشعورك بالرضى أم عدم الرضى هو أمر يعكس نظرتك تجاه نفسك، ونظرتك تجاه النعم المحيطة بك.
لذلك هناك تدريب بسيط يمكنك القيام به يوميا، بمجرد نهوضك من النوم، قم واكتب على دفتر ملاحظاتك أو سجل على هاتفك أو حاسوبك جميع النعم التي تستطيع تذكرها والتي تتمتع بها وموجودة من حولك وفي حياتك، بدءا من نعمة السمع ونعمة البصر ونعمة الصحة مرورا بنعمة وجود العائلة والأصدقاء ووصولا إلى نعمة العمل واستقرارك المادي.
أكتب أي نعمة تخطر ببالك، لأن فعل التسجيل والكتابة خاصة في الصباح، سيساعدك على رؤية الأشياء الجيدة في حياتك، ويعطيك دفعة إيجابية خلال اليوم، تمكنك من التعامل مع الأمور بصورة إيجابية، وتخفف من نظرتك السلبية تجاهها.
الخطوة الثانية: تقبل الذات
"ستيف هارفي" الإعلامي الأمريكي المشهور، كان يعاني من التلعثم أثناء الكلام منذ طفولته، وكان هذا الأمر يعرضه للسخرية والتنمر من قبل أقرانه في المدرسة، فقد كان ستيف غير قادر على لفظ العديد من الكلمات بالشكل الصحيح بسبب مشكلته في النطق. وفي أحد الأيام طلبت المعلمة من كل طالب في صف ستيف أن يكتب كل منهم حلمه على ورقة، فكان ما كتبه ستيف هو أن حلمه أن يصبح مذيعا تلفزيونيا، وهذا الأمر جعل الجميع يسخرون منه ويضحكون عليه، إلا أنه لم يتأثر، بل على العكس، فأول ما قام به هو أنه تقبل ذاته، وتقبل النقص الذي كان عنده. وكان هذا النقص دافعا بالنسبة له لأن يعمل على تحسين نفسه أكثر.
وفعلا، تميز ستيف هارفي بأسلوبه الشيق جدا، ويعد اليوم من أنجح المذيعين في الولايات المتحدة الأمريكية، ويبث برنامجه يوميا على التلفاز. إن قصة ستيف هارفي تعطينا نموذجا حيا ودرسا هاما عن تقبل الذات.
ببساطة يجب أن تعترف وتتقبل نفسك كما أنت بجميع جوانبك، ولا يكفي أن تحب الأمر الإيجابي أو الجيد فيك، بل عليك أن تتقبل أيضا الجوانب السلبية والمظلمة من نفسك، فلو تقبلت نفسك مثل ما أنت، يصبح من السهل عليك أن تشعر بقيمتك الحقيقية، وحينها فقط ستتوقف عن جلد ذاتك، وستفهم أن صفاتك السلبية لا تحدد من تكون، ولا تحدد شخصيتك، ولا تعبر عنك بنسبة 100%، بل هي جزء فقط من تركيبتك كإنسان. بهذه الطريقة سيتحول تفكيرك إلى الإيجابية أكثر، وبناء على ذلك ستحب نفسك أكثر وستتمكن من تحقيق طموحاتك مهما كانت.
الخطوة الثالثة: توقف عن محاولة إرضاء الجميع
الإمام الشافعي يقول: "رضا الناس غاية لا تدرك". الكثير من الناس هدفهم إرضاء جميع من هم حولهم ولو كان ذلك على حساب أنفسهم، وعلى حساب مصلحتهم الشخصية، وبمحاولة إسعادهم للآخرين وبقيامهم بأمور معينة تتعارض مع قناعاتهم، مما ينعكس سلبا على تقديرهم لنفسهم، فبعد أن يرضي غيره،يقوم بالتفكير بينه وبين نفسه ويبدأ بعتاب نفسه على تصرفه الذي قام به فقط لإرضاء فلان من الناس.
إن محاولة إرضائك لجميع الناس على حسابك الشخصي لن يؤدي بك إلا لعدم احترامك لنفسك. ومع الأسف الكثير منا يعتقد مخطئا أنه إذا وافق على القيام بكل ما يطلبه منه الآخرون، أنهم سيحبونه ويقدرونه أكثر، لكن حقيقة، العكس هو الصحيح.
إرضاء الناس من أصعب الأمور التي يمكن أن تواجهها، ولو حاولت إرضاء الجميع دائما، فإن هذا الأمر سيحولك إلى شخصية اعتمادية، دائما تربط سعادتك بتلبية رغبات الآخرين والعيش فقط من أجل إسعادهم ومن ثم احتقارك لنفسك.
أؤكد لك أن القبول الوحيد الذي تحتاجه هو قبولك أنت لنفسك.
الخطوة الرابعة: مسامحة النفس
من الهام لك أن تعرف أن كل إنسان معرض للخطأ، وكلنا معرضون للفشل في وقت من الأوقات، وكل النجاحات التي تراها عند الآخرين، كان وراءها فشلا مهد له الطريق، فالطفل الصغير ليتمكن من المشي، كان قد سقط على نحو متكرر قبلها، كما أن اللغة التي تتحدث بها لم تنطق بها بطريقة صحيحة من المرة الأولى، لذلك، بدل أن تلوم نفسك على أخطائك، انظر إلى أخطائك وتعامل معها على أنها دروس حياتية للنجاح، وأنها تقربك أكثر من تحقيق أهدافك، وكما يقول بيل جيتس: "من الجيد الاحتفال بالنجاحات، إلا أن الأهم هو الانتباه إلى دروس الفشل"
الأخطاء والفشل لا يحددان من تكون، بل ردة فعلك وكيف تتصرف حين تفشل، هي ما تحدد مصيرك، وهكذا ستشعر بالراحة النفسية والرضا عن الذات، وهي أهم مفتاح لتصل إلى حب الذات والسلام الداخلي والسعادة الدائمة.
الخطوة الخامسة: تجنب مقارنة نفسك مع الآخرين.
هناك مقولة مشهورة للشيخ الشعراوي رحمه الله يقول فيها: "إن مجموع كل إنسان يساوي مجموع كل إنسان آخر، وذلك هو عدل الله"
رب العالمين خلق الناس بمواهب وقدرات وميول مختلفة، وكل إنسان منا يمتلك عددا من نقاط القوة الخاصة به، وهذا ما يميز كل شخص عن الآخر، لكن بحسب طبيعتنا البشرية، فإنه من السهل جدا أن نرى نقاط القوة الموجودة عند الآخرين ونتمنى وجودها عنا أيضا، فبقول شخص مثلا: "فلان ماهر في الرسم وأتمنى لو كنت أمتلك موهبة الرسم مثله"، بينما قد يكون هو نفسه بارع جدا ويمتلك موهبة فذ في الإلقاء، ومع الأسف في أيامنا هذه، فإن مواقع التواصل الاجتماعي فتحت مجالا للمقارنة بشكل مخيف.
أذكر أنني قرأت مقالا عن تأثير الفيسبوك والانستجرام بالتحديد على الأشخاص من ناحية المقارنة، وكانت النتائج سلبية جدا، فنحن نرى من الآخرين ما يعرضونه على حساباتهم في مواقع التواصل، وبطبيعة الحال ننخرط بعملية مقارنة، وعلى ذلك نقوم بتقييم أنفسنا مما يؤدي إلى الإحباط وإلى احتقار الذات، لذلك لا تقارن نفسك بأحد.