مع التقدم المعرفي، و التكنولوجي، و الإنتشار الواسع لمواقع التواصل الإجتماعي أضحى الفن طريقة جيدة للتعبير عن الذات لدى المجتمعات بإختلاف ثقافاتها، و معتقداتها، و أصبح في غاية السهولة إطلاق مسمى عمل فني على العديد من المواهب التي من الممكن أن تنسب إلى الفن و ربما ليس لديها اي صلة به.
ومن هذا المنطلق ولكي لا تكثر التساؤلات، و تنسب للفن أعمال تعاكس اتجاهه ورسالته السامية وجدت المعايير الموضوعية التي بإستطاعتها أن تحدد ما اذا كان هذا العمل فناً ام لا.
من وجهة نظري كفنانة أعتبر العمل الفني نتاج عن فكرة إبداعية مبتكرة سواء كانت تنتمي الى ذات الفنان أو أنها تعبر عن ما يدور في الواقع المحيط به، لذلك يجب أن تتوفر مجموعة من الخصائص، و المعايير التي تمكن هذا العمل من الاندراج تحت مسمى الفن، ومن هذه المعايير:
-التوازن: وهو عنصر تعادل كافّة مكوّنات العمل الفني، والذي يساهمُ في تصنيف الأعمال الفنيّة المقبولة، وغير المقبولة، بمعنى أن العمل الفني المقبول يجب ان تتوازن كافة عناصره ومكوناته و تكون متناغمة بحيث تؤدي الهدف الخاص به بكل وضوح، اما العمل الغير مقبول فهو فاقد لاي شكل أو تصميم يعبر عن الحالة الفنية الخاصة به و بالتالي فقدانه للتوازن بين عناصره.
-الانسجام: وهو ذلك العنصر الذي يقوم بالربط بين مكوّنات العمل الفنيّ، بمعنى قدرة الفنان على تكوين خطوط وتفاصيل مترابطة داخل اطار واحد تقوم بجذب المتلقي لمشاهدته وفهم رسالته بكل وضوح.
- الحركة: وهي العنصر الذي يقوم بالتأثير على متابعة العمل الفني، فالأشخاص يفضلون مشاهدةَ الأعمال الفنية التي تتضمن على أكثر من حركة في وقت واحد، ولا يُعنى بالحركة هنا معناها الحرفي فقط، بل تشتمل على حركة الخطوط، والألوان، والتفاصيل التي تتميز بالدقة في العملِ الفنيّ، كحركة الممثلين خلال تأديتهم لعمل فنيّ مسرحي، أو خلط لون أسود مع القليل من اللون الأبيض من أجل الحصول على انعكاس للظلّ في اللوحةِ الفنية.
يوجد العديد من المعايير الأخرى التي يعتمد عليها تصنيف العمل تحت مسمى الفن، ومن وجهة نظري أنها تختلف بإختلاف المجتمعات و معتقداتها، لذلك برأيي إن وجود رد فعل مدروس نحو العمل الفني و الأخذ بعين الإعتبار جميع المعايير التي تعكس رؤية المجتمع نحو الفن هو من أفضل الطرق لتحديد اذا كان العمل الفني فناً ام لا، ومن هنا انطلق مسمى النقد الفني بحيث أن الناقد يعمل على رؤية العمل الفني من وجهة نظر مختلفة عن المتلقي بحيث يقوم بتفحص الأعمال الفنية تفحصاً دقيقاً مبنياً على قدراته الخاصة، وخبراته الفنية، وما يتمتع به من ثقافة عامة، ليقدم تلك الأعمال إلى جمهور المتلقين بصورة مكتوبة أو منطوقة، وليساعدهم على إدراك خصائص وأبعاد ومضامين هذه الأعمال الفنية.