هل يوجد تعارض بين وجود اللوح المحفوظ وكون إرادة الإنسان حرة

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٤ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 لا يوجد تعارض بين وجود اللوح المحفوظ وما كتب به ، وبين إرادة الإنسان الحرة ، لأن الله تعالى ( يعلم ما كان ويعلم ما سيكون ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون )

- ومذهب أهل السنة والجماعة في هذا الأمر واضح : وهو أن كل ما يحدث في هذا الكون قد علمه الله تعالى قبل حدوثه ، وكتبه قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .

- فالله تعالى خلق هذا الإنسان ومنحه العقل وحرية الاختيار، بعد أن بيّن له طريق الخير وطريق الشر ، وأرسل له الأنبياء والرسل والكتب السماوية ، بل إن الله تعالى وضع قاعدة قرآنية أنه لا يجوز الإكراه في الدين ، قال تعالى : ( لا إكراه في الدين ) .

- فالإنسان مخير بإرادته فيما يقول ويختار، ومسير في بعض الأمور.

- فالأمور المخير بها هي المحور الذي يقوم عليه الخير والشر ويترتب عليها مسؤولية وجزاء في الدنيا والآخرة. ولنضرب على ذلك مثالاً : لو قدمنا لشخص وعاءين وعاء فيه لحم غنم ، ووعاء فيه لحم خنزير، وقلنا له هذا لحم غنم ، وهذا لحم خنزير ، فاختار لحم الخنزير وأكله ، هل إرادة الله تعالى متعلقة بهذا الفعل أم علمه ؟ قطعاً علم الله تعالى هو المتعلق وليس إرادته ، فالله تعالى لا يريد لمسلم أو حتى لإنسان أن يأكل لحم خنزير ، فكون هذا الشخص قد اختار أكل لحم الخنزير بكامل إرادته ومعرفته ، فالجزاء من جنس العمل فإنه يترتب عليه عقوبة الله تعالى ، والله تعالى قد علم مسبقاً بأنه سيأكل لحم الخنزير بإرادته فكتب عليه في اللوح المحفوظ بأنه سيأكل لحم خنزير في حياته وفي هذا الوقت .

- فالإنسان مخير فيما يعلم ويقدر على فعله ، ولكنه مسير في ما لا يقدر عليه أو لا يستطيع أن يتخلى عنه ، ونضرب لذلك مثالاً : مسالة النوم : هل الإنسان مخير فيه أم مسير ؟ هو مخير إلى حد معين ، أما في آخر الأمر هو مسير لأنه سنام رغماً عن إرادته وقوته .

- لذلك فقد خلق الله تعالى للعباد المشيئة والإرادة التي تقع بهما أفعالهم بحيث يكونون مسؤولين عنها مسؤولية تامة، فليسوا مجبورين مقهورين على فعل ما يفعلون؛ سواء من الطاعة، أو المعصية، أو الأمور المباحة، فالله كتب أن فلانا يتزوج فلانة، وأنه يختار تخصص كذا، وقد قدر الله ذلك بأسباب، وخلق للعبد إرادة ومشيئة بها يختار اختيارا تاما حرا، كما قال تعالى: ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )  {التكوير 28: 29}. 

-فالعبد لا يعلم بما قدره الله عليه في الأزل، ولكن عليه أن يسعى فيما بين يديه من الأسباب وفق المشيئة والاختيار الذي أعطاه الله إياه، ثم لا يكون بعد ذلك إلا ما قدره الله وقضاه.