يتناول كتاب "الأب الغني والأب الفقير" موضوع مهم وحساس جدا، وهو من أشهر الكتب التي تحدثت عن المال، ولكن قبل أن أبدأ بإخبارك عن الكتاب، أريدك أن تسأل نفسك، هل أنت فعلا تحب المال؟ هل ترى أن المال فعلا أمر مهم في الحياة؟
الكاتب روبرت كيوساكى يرى أن الناس يواجههم نوعان من المشاعر، النوع الأول هو الخوف، والنوع الثاني هو الطمع أو الجشع، وهذان النوعان من المشاعر هما ما يمنعك من الوصول الى المال وتحصيل ثروة على المدى الطويل، فالشخص الذي يمتلك مشاعر الخوف، يخاف من عدة أمور منها أن يخسر وظيفته، وأن يخسر الاستقرار الوظيفي والمال الذي يقبضه في نهاية كل شهر، وبالتالي هو لا يخاطر بأخذ خطوة تساعده على تكوين ثروة على المدى البعيد. و إن قمت بسؤال الشخص عما إذا كان فعلا يحب المال أم لا، فإنه غالبا سيشكو لك فقرك. أما الشخص الآخر الذي يمتلك مشاعر الطمع، فلن يكون غنيا أبدا، لأنه يواجه مشكلة كبيرة في قدرته على إدارة الأمور المالية، وحب المال يعميه عن إدارة نقوده بشكل جيد. ولو سألته نفس السؤال، عن إذا ما كان يحب المال أم لا، فغالبا ما سيرد عليك بأنه يحبها و بشدة.
اذا كيف يصبح الشخص غنيا و يمتلك المال اللازم لتحقيق أهدافه و طموحاته؟ الحل من وجهة نظر الكاتب يكمن في خمسة مبادئ لإدارة المال بذكاء، والتي إن اتبعتها،ستصل الى الحرية المالية و ستصبح غنيا على المدى الطويل والمقصود بالمدى الطويل يعني الفترة الزمنية التي تتراوح ما بين العشر سنوات والخمسة عشرة سنة، وليس غنيا في غضون سنة أو سنتين أو ثلاثة.
المبدأ الأول هو أن تفهم الدخل السلبي
فإذا كنت ملتزما بعمل ما، فإن وقتك يساوي المبلغ الذي تتقاضاه، أي أن الوقت = المال، ولكن إذا أردت أن تكون غنيا فعلا، فالوقت يجب أن لا يساوي المال الذي تتقاضاه، أي أنك من المفروض أن لا تعمل من أجل المال، بل المال هو الذي يعمل من أجلك، بمعنى آخر، أن تقوم بتشغيل نقودك في أمور تدر عليك بالربح أو ما يسمى بالدخل السلبي، وهو الدخل الذي لا يحتاج لوجودك شخصيا حتى تكون قادرا على كسب الدخل المراد. ويعتبر الدخل السلبي هو الأساس لتكون شخصا غنيا، و لتتمكن من تكوين هذا الدخل السلبي، عليك أن تدير مالك بذكاء.
المبدأ الثاني هو استيعابك للأصول في مقابل الالتزامات،
فمعظم الناس يفكرون بطريقة الدخل في مقابل النفقات. طبعا النفقات هي الأشياء التي تدفعها بشكل يومي، أما الدخل فهو ما تأخذه من مال بشكل شهري على شكل راتب. لكن الأمان المهمان اللذان يغفل عنهما الناس هما أن الأصول هي الأشياء التي تمكنك من الحصول على دخل بشكل مستمر مثل المشاريع والعقارات والأسهم والسندات وحقوق الملكية كما هو الحال عندما تقوم بتأليف كتاب. أما الالتزامات فهي الامور التي تنفق عليها من مالك بشكل مستمر، مثل عند شرائك بيتا أو سيارة أو الهاتف النقال أو التلفاز، كلها أمور تستلزم خسارتك للنقود مع الزمن، فلو امتلكت بيتا، فلا بد من القيام بصيانته ودفع فواتير الماء والكهرباء المترتبة عليه، ولو قمت بشراء سيارة خاصة، فسيلزم عمل صيانة متكررة لها كل فترة، كل الأمور المسبقة قد تعتقد أنها تلزمك، رغم أنه بإمكانك الاستعاضة عنها بأشياء أقل ثمنا، وقد لا يلزمك اقتنائها أصلا. قد لا تمتلك المال الآن، ولكن بإمكانك تكوين ثروة على المدى الطويل بالابتعاد عن الالتزامات وتقليلها قدر الإمكان، وتركز على أن تستغل كل مالك في الأصول التي تدر عليك بالدخل السلبي على المدى الطويل، حتى تتمكن من أن تصبح غنيا فعلا.
المبدأ الثالث هو أن تهتم بعملك الخاص،
فطالما كنت موظفا، ومهما كانت مكانتك الوظيفية مرتفعة، إلا أنك لن تكون غنيا أبدا، وهو أمر لا يمكنك التحكم به، ومع ذلك عليك أن تتيقن من أنك حتى لو كنت موظفا، فيجب أن يكون لديك عملك الخاص، أو المشروع الخاص بك، فعملك يمكنك من دفع الفواتير المترتبة عليك، إلا أن مشروعك الخاص هو ما سيجعل منك شخصا غنيا، ولا يقصد الكاتب هنا أن تترك وظيفتك التي تعتاش منها وتذهب للبحث عن عملك الخاص، إنما على الأقل إبدأ بالتفكير بكيفية بنائك مشروعك الخاص، لأن المشروع الخاص هو أكبر جزء من الأصول، وهو ما سيدر عليك بعوائد كبيرة جدا على المدى الطويل.
المبدأ الرابع الذي يجب أن يكون عندك هو التعليم المالي أو الثقافة المالية،
فالتعليم المالي ينمي لديك الذكاء المالي والقدرة على استخدام مالك بذكاء، فالقطاع المالي يشبه أي قطاع آخر، يحتاج منك أن تدرسه و تفهم اربعة أمور مهمة كما يقول الكاتب كايوساكي، أولها هو المحاسبة وكيفية القيام بالحسابات المالية ومعرفة دخلك ومصروفاتك و كيف تصنع مخططا ماليا للمستقبل وتتعلم الاستثمار في البورصة أو في السندات، ومحاولة فهم الأسواق التي تستثمر بها، و أخيرا محاولة فهم القانون في بلدك والذي يحكم الاستثمار في المكان الذي تعيش فيه، وفهم القانون من الأمور الهامة جدا، لأن عند بعض البلاد قوانين معينة لها علاقة بالضرائب تؤثر على الدخل الخاص بك.
أما المبدأ الخامس والأخير هي تجنب المشاعر الخمس والتي تمنعك من أن تكون غنيا:
*الشعور بالخوف من خوض التجربة والمخاطرة
*السخرية من كل ما له علاقة بالمال
*الكسل بأن تبدأ بخطوة الاستثمار في عقار أو في البورصة أو البدء بمشروعك الخاص
*التكبر والاعتقاد بأنك تعرف كل شيء فيضيع مالك لقيامك باستثمار أموالك في مجالات لا تفهمها
*و أخيرا العادات المالية السيئة التي نقوم بها، كتناول الطعام في المطاعم، أو صرف نقودك كاملة في بداية الشهر
فالكاتب يقول أنه كان يمتلك هذا العادات المالية السيئة، و استطاع أن يتخلص منها باتباع مبدأ سماه "إدفع لنفسك أولا"، وهو يرتكز على أن تقوم أولا بأخذ المبلغ الذي تريد ادخاره، ومن بعد ذلك احسب الفواتير التي عليك وقم بدفعها، وهذا الأمر سيساعدك على أن تحتفظ بجزء من المال من أجل استثمارها لاحقا في احدى الأصول التي ستدر عليك المال على المدى البعيد.
علينا جميعا أن نفكر و نتعلم ونقرأ و نبحث عن الأشياء التي نود الاستثمار بها قبل أن نأخذ أي خطوة، و نرى إن كانت تتوافق مع قيمنا الدينية والأخلاقية أم لا، وهل الأمور التي نستثمر بها، فيها فائدة ربوية أم لا.