هل يمكن للأرض أن لا تأكل أجساد غير الأنبياء عليهم السلام أم أن هذه كرامة للأنبياء فقط

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١٣ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
ثبت بالنص الصحيح أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، أي يقولون: قد بليت، قال: إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام ) ( رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه العلماء ) .

أما غير الأنبياء فلم يرد نص يثبت أن الأرض لا تأكل أجسادهم سواء في ذلك الشهداء أو الصالحين أو العلماء أو غيرهم ، ولكن ذلك لا يمنع أن يحصل ذلك في بعض الأحيان ويحفظ الله أجساد بعض الشهداء أو الصالحين كرامة أو لحكمة يعلمها الله ، فتوجد أجسادهم كما دفنت لم تأكلها الأرض ، ولكن لا يكون ذلك قاعدة مطردة ، بحيث يعتقد أن كل شهيد لا تأكل الأرض جسده ، فإذا وجد من يظن فيه الشهادة قد تحلل جسده قلنا هذا ليس بشهيد!

فهذا اعتقاد خاطئ لعدم وجود النص الصحيح على أن الشهداء لا تأكلهم الأرض ، فإذا وجد شهيد لم تأكله الأرض فهذه كرامة زائدة له كما حصل مع والد جابر رضي الله عنه .

روى البخاري  عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه عندما ذكر قصة خروج والده واستشهاده في غزوة أحد ، قال ( فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِى قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِى أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً ، غَيْرَ أُذُنِهِ ).  

وقد ذكر بعض العلماء أن الأرض لا تأكل أجساد الشهداء والمؤذنين والعلماء وحفاظ القران عموما ، ولكن هذا لا دليل عليه ، ولو وجد في الواقع فيكون واقعة حال لا يصح جعلها قاعدة مطردة.

قال شارح العقيدة الطحاوية ابن أبي العز الحنفي " وحرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما روي في السنن ، وأما الشهداء : فقد شوهد منهم بَعدَ مُدَدٍ مِن دفنه كما هو لم يتغير ، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره ، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة ، والله أعلم ، وكأنه - والله أعلم - كلما كانت الشهادة أكمل والشهيد أفضل ، كان بقاء جسده أطول " .

وأنبه أخيرا أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا يبقى من الإنسان بعد موته إلى عجب الذنب كما ورد في الحديث المتفق عليه (يَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْإِنْسَانِ إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ) .

والله أعلم