نعم فالتوحيد الخالص لله تعالى يكون سبباً في تكفير جميع الكبائر إلا الشرك بالله تعالى.
- قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا) سورة النساء (48).
-وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تبارك وتعالى: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي وصححه ابن القيم وحسنه الألباني.
- ويقول ابن القيم رحمه الله: وكذلك يعفى عن الصغائر ما لا يعفى عن الكبائر، ويعفى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك، ما لا يعفى لمن ليس كذلك، فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بالله شيئًا البتة ربه بقراب الأرض خطايا، أتاه بقرابها مغفرة، ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده، وشابه بالشرك؛ فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك، لا يبقى معه ذنب؛ فإنه يتضمن من محبة الله تعالى، وإجلاله، وتعظيمه، وخوفه، ورجائه وحده، ما يوجب غسل الذنوب، ولو كانت قراب الأرض، فالنجاسة عارضة، والدافع لها قوي، فلا تثبت معه.
- والتوحيد المطلوب من العبد المسلم هو: إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به من توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
- ومعنى كلمة إفراد تخصيص الله تعالى وحده دون غيره بأنواع التوحيد الثلاث، ولتوضيح ذلك نعطي الطفل حبّة فاكهة ونخبره بأنه له وحده ولا يشاركه بها أحد فبذلك نكون قد أفردناه بهذه الفاكهة ولله المثل الأعلى.
-وأنواع التوحيد هي:
أولاً: توحيد الربوبية:
هو "إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير"، فنقول أنه لا خالق إلا الله ولا مالك إلا الله ولا مدبر إلا الله.
قال الله سبحانه وتعالى: {هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو} سورة فاطر: 3. فالله تعالى الذي خلق الأشجار والأنهار والجبال والمحيطات والإنسان وهذا الكون أجمع دون تدخل من أحد وهذه المخلوقات كلها ملك لله، هي كلها له، فكما يملك الطفل ألعابه وتكون له وحده دون أن يشاركها أحد ولله المثل الأعلى؛ فهذه الأكوان والكواكب الظاهرة والباطنة كلها تعود لله تعالى هو خالقها ومالكها، وهو أيضًا يدبر أمرها فيأمر الغيوم أن تمطر فيصيب غيثها الأشجار فتثمر، ولا تثمر الأشجار بفعل المطر فقط إنما بأمر الله أولا، كله بأمر الله وتدبيره.
ثانياً: توحيد الألوهية:
هو "إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة" فلا نعبد إلا الله ولا نصلي إلا لله ولا نصوم إلا لأن الله أمرنا بذلك، ونؤدي كافة العبادات لوجه الله تعالى، فلا نطلب غيره ولا ندعو غيره ولا نستجير بغيره، ولا نخشى غيره سبحانه وتعالى.
ثالثاً: توحيد الأسماء والصفات:
هو "إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل".
- نأخذ مثال اسم الله تعالى السميع فهو سمى نفسه سبحانه بهذا الاسم وبنفس الوقت اتصف به تعالى، فالله يسمع أسرارنا واعلاننا ويسمع ما نقول ونخطط وندعو ونخاطب، كذلك اسمه البصير، وصفته أن الله يرانا في الليل والنهار، في أضيق الأماكن وأوسعها، حتى الأماكن التي لا يرانا بها أي مخلوق فالله يرانا.
- مثال ذلك السارق الذي لا يراه أحد عندما يسرق لكن الله يراه ويسمعه، حتى أنه سبحانه وتعالى يسمع دبيب النملة السوداء ويراها على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء.