نعم يجوز ذلك ولا مانع منه.
وذلك أن الواجب في الصلاة هو قراءة سورة الفاتحة فهو الركن الذي لا يجوز ترك قراءته في الصلاة على الراجح، أما قراءة سورة بعد الفاتحة فهو سنة وليس بركن ولا واجب فلو لم يقرأ شيء بعد الفاتحة فصلاته صحيحة ولكنه خلاف الأولى.
وبناء عليه لو كرر سورة معينة أو آيات معينة في الركعتين فصلاته صحيحة لأن القراءة ليست واجبة أصلاً.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كرر قراءة سورة الزلزلة في ركعتي الفجر، وهذا في صلاة الفريضة، فمن باب أولى جواز ذلك في صلاة النافلة لأن الأمر فيها أوسع من أمر الفرض.
فقد روى أبو داود في سننه عن معاذ بن عبد الله الجهني "أن رجلا من جهينة أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح {إذا زلزلت الأرض} في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا"
وهذا الحديث من صححه بعض العلماء كالنووي وتكلم بعض العلماء في سنده.
وقد روي في الحديث الصحيح الآخر أن رجلاً أمره رسول الله على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم يعني يؤم بهم فيختم في كل ركعة قراءته بسورة قل هو الله أحد، فلما رجعت السرية ذكروا ذلك للنبي عليه السلام فقال: "سلوه لأي شيء يصنع ذلك"، فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن عز وجل وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال عليه السلام: أخبروه أن الله يحبه.
والحدي متفق عليه وفيه إقرار النبي للرجل على تكرار قراءة سورة الإخلاص كل ركعة وإن كان يقرأ معها غيرها.
ولكن أنصحك بأمور:
1. أن تحاول أن تحفظ المزيد من القرآن وتجتهد في ذلك ولا تقتصر طوال الوقت على تكرار نفس الآيات في الصلاة، ورمضان فرصة لذلك.
2. إن كانت الصلاة صلاة فرض فالأولى لك أن تقرأ غيباً مما تحفظ لاختلاف العلماء في حكم القراءة من مصحف في الصلاة، وكره ذلك كثير من العلماء كما روي عن الإمام أحمد لأنه لم يرد عن النبي ولا الصحابة ولا التابعين.
3. إذا كانت الصلاة صلاة نافلة كقيام الليل أو التراويح أو الضحى فيجوز أن تقرأ من المصحف وقد ذكر البخاري رحمه الله أن عائشة كانت تأمر خادمها ذكوان فيؤم بها ويقرأ من المصحف، وكان السلف يقرؤون في القيام والتراويح من المصاحف حتى إن الزهري رحمه الله قال: كان خيارنا الذين يقرؤون من المصاحف.
وقراءة من مصحف مع ختم القرآن وعدم الاقتصار على تكرار محفوظة في كل ركعة أولى وأفضل إن شاء الله، وفيه عدة ومصالح ومنافع منها: قراءة المزيد من القرآن وعدم هجرك باقي القرآن، تدبرك آيات أخرى، وعدم شعورك بالملل بتكرار نفس الآيات دائماً، وإعانتك على طول القيام في الصلاة والاجتهاد فيها وهو مطلوب في صلاة النفل.
وسواء كان ذلك بالقراءة من المصحف أو الجوال، وإن كان القراءة من المصحف أولى وأفضل ، لأن مجرد النظر في القرآن فيه أجر، والمصحف يعينك أكثر على الخشوع في الصلاة، بخلاف الجوال الذي قد يشتت انتباهك بما قد يرد له من الرسائل والتنبيهات.
والله أعلم