هذا الفعل له احتمالان :
الاحتمال الأول : إذا كان محتاجاً إلى تلك الأفعال لحاجة تدفعه إلى مثل هذه الأفعال ولم يكن يقصد في قلبه التكبر أو التعالي على الناس فعلاً ، فلا بأس عليه ولا حرج ولا يدخل في حكم الكبر المنهي عليه ، وكذلك إذا صدر منه مثل هذه الأفعال بغير قصد .
والدليل على ذلك : حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : " مَن جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إلَيْهِ يَومَ القِيامَةِ " ، فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّ أحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إلَّا أنْ أتَعاهَدَ ذلكَ منه؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذلكَ خُيَلاءَ " (رواه البخاري ).
فقد كان إطالة الثوب وجره دلالة على تكبر صاحبه وخيلائه ،فنهى النبي عليه السلام عن ذلك وتوعد فاعل ذلك ، ولكن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان رجلاً نحيلاً وكان ثوبه يسترخي حتى يجره ولا ينتبه إلى ذلك فإذا انتبه رفعه ، فسأل رسول الله عن ذلك ، فأخبره الرسول أنه لا حرج عليه إلإنه لا يفعل ذلك تكبرأً .
فلو فعل الإنسان بعض الأفعال التي قد يُظَنُ أن فيها تكبراً ولم يكن يقصد ذلك الفعل ، أو احتاج إلى ذلك الفعل لعلة صحية ، أو لإغاظة عدو ، فكل ذلك جائز لا بأس به .
الاحتمال الثاني : أما إذا لم تكن هناك حاجة إلى مثل هذا الأفعال فلا ينبغي له فعلها ولو لم يقصد التكبر ، لأن موافقة أهل التكبر والغرور في الظاهر يورث فاعل ذلك مشابهتهم في الباطن لاحقاً ، ويدفع الناس إلى إساءة الظن به والوقوع فيه وغيبته ، وهم لن يطلعوا على مقصده ونيته.
وقد جاء في الحديث أن النبي عليه السلام قال " من تشبه بقوم فهو منهم " (رواه أبو داود).
فمن تشبه بأهل التكبر مع عدم الحاجة إلى ذلك فكأنه منهم ، ففعله منهي عنه .
والله أعلم