هل يتوجب علي أن أصوم ستة من شوال كل عام أم يكفي عام واحد؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٢٩ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لا يتوجب عليك صيام ستة من شوال لا كل عام ولا في عام واحد، لأن صيام ستة من شوال ليس واجباً أصلاً وإنما هو مستحب!

فليس هناك صيام يجب على المسلم صيامه إلا شهر رمضان كما في الأحاديث الكثيرة المعروفة، أما غيره من الصيام فهو مسنون مستحب، إلا أن يكون صيام نذر أوجبه الإنسان على نفسه أو صيام كفارة لخطأ أو معصية وقع فيها الإنسان ولم يملك التكفير عنها إلا بالصيام ككفارة القتل الخطأ.

أما صيام ستة من شوال فهو مستحب على كل حال عند جمهور العلماء، وقد جاء في مشروعيته الحديث المشهور عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ) (رواه مسلم).

فصيام هذه الأيام الستة إضافة إلى صيام رمضان يجعل صائمها كمن صام السنة كاملة، فالسنة الهجرية عبارة عن 354 يوم، ومن صام رمضان فكأنما صام 10 أشهر، لأن رمضان 30 يوماً والسحنة بعشرة أمثالها، فمن صامه فكأنما صام 300 يوم، وصيام ستة أيام من شوال كصيام ستين يوماً في التضعيف، فيصبح مجموع ما صامه 360 يوماً، فكأنه صام السنة كاملة.

وهذه الفضيلة والأجر يشرع ويستحب صيامها كل عام لمن قدر على ذلك، ولا تختص المشروعية بعام واحد فقط.

فكأنما أنك تكرر صيام رمضان كل عام مرة، فإنه يشرع لك بعده تكرار صيام ستة أيام من شوال أيضاً.

والحكمة من تكرار صيام هذه النافلة بعد كل صيام فرض، أن هذه النافلة تعوض النقص الذي دخل على عبادتك المفروضة، فكأنها صارت جبراً للخلل، فطالما صمت الواجب فاحرص على صيام النفل حتى تتدارك النقص الذي حصل في الفرض.

جاء في الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ) (رواه أبو داود والنسائي وغيرهما).

فقوله (ثم يكون كذلك سائر عمله) يقتضي أن الصيام كالصلاة كذلك يجبر النقص كم فريضتها بنفلها، لذلك عليك الحرص على صيامها ما استطعت إلى ذلك سبيلا، حتى يعظم أجرك وتتدارك نقصك، لأن كل واحد منا قد قصر ولا بد في صيام رمضان سواء بنظرة محرمة أو كلمة محرمة أو غير ذلك، فمن رحمة الله وفضله أن شرع جبر هذا النقص بهذا الفضل فعلينا أن نحرص على ذلك.

والله أعلم