هل مشاهدة الآنمي تؤدي إلى الإدمان؟

       إن إدمان الأنمي كان يراه الكثير أشبه بالأسطورة، لكن ذلك كان كما تحدثوا عن ألعاب الفيديو. لذا أخبرك هنا حقًا أن عليك التصديق أن الأنمي يسبب الإدمان. وبالإضافة إلى أن هذا الإدمان هو حالة حقيقية، يُذكر أنه خطير في كثير من الحالت.


     في اليابان - والتي هي مسقط رأس الأنمي- يطلق على الشخص المدمن اسم "أوتاكو"، والتي تعني الفرد الذي يعاني من إدمان الانمي. وعلى الرغم من أن الرسوم المتحركة بدأت كمادة مصورة موجهة للأطفال، إلا أن البالغين والشباب وجدوا أنفسهم متعلقين بهذه الأعمال إلى درجة الإدمان.


     إن كنت تتساءل عن متى تم اختراع الانمي، فدعني أخبرك بالتالي. إن هذا النوع من الرسوم المتحركة بدأ من اليابان، وانتقل من الشرق إلى الغرب، والآن أصبح انتاج الرسوم المتحركة من شتى أنحاء العالم. إلا أن كلمة "أنمي" بالتحديد مخصصة للرسوم المتحركة والكتب المصورة والأفلام المصنوعة بشكل خاص والمتأثرة بالرسوم المتحركة اليابانية. وفي بعض الأحيان يطلق اسم "مانغا" على الأعمال المرسومة على شكل مجلات مصورة وما شابه.

     تم البدء بهذه الصناعة اليابانية في الستينات من قبل المنتج أوسامو تيزوكا، مع العلم أنه قد كان له جذور قبل ذلك، إلا أنها لا تشبه كثيرًا ما نشاهده اليوم. وفي التسعينات بدأ انتشار هذه الصناعة لجميع أنحاء العالم. ولم تكن الفئة المستهدفة هي الأطفال فقط، بل كان هناك أعمال تستهدف إما البالغين، أو الفئتين معًا، ومثال على ذلك أنمي بوكيمون الذي يشاهده أي شخص في أي عمر.


     وما يميز هذا النوع من الأعمال هو الألوان الزاهية التي تدخل بالرسومات، وشخصياته دائمًا ما تكون كثيرة الحركة ونشيطة. وفيما يخص القصص فهي تعرض أشكال متنوعة وكثيرة من القصص، منها ما هو واقعي، وآخر خيالي. وهذه القصص تكون غالبًا ذات معاني وحبكات مختلفة المستويات، وذلك ما يجعلها مناسبة للكبار وليس فقط للصغار، وكذلك فهي تعرض على شكل حلقات قصيرة في الأغلب.


     فيما يخص آثار إدمان الرسوم المتحركة، فإن هذا الإدمان يشبه الإدمان على ألعاب الفيديو. من الممكن أن يتأثر شخصٌ ما بلعبة واحدة، بينما لا يتأثر آخر حتى لو قضى فترة أطول من الشخص الأول. أما بشكلٍ عام فإن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين ال13 وال18 هم الأكثر عرضة لهذا الإدمان. ربما لأن هذه الفترة هي نهاية الطفولة وبداية البلوغ، ولأنها مرهقة للغاية، فإن هؤلاء المراهقين يلجأون للأنمي لكونه يدور في أحداث مثالية وقصص بنهايات سعيدة لا تشبه العالم الحقيقي الذي يعانون منه.


     دعني أخبرك كيف تؤثر الرسوم المتحركة على حياة الشخص. إن هذه الرسوم المتحركة تقدم لمشاهديها مستوىً مرتفعًا لا يجدونه في مكان آخر. ولكونها قانونية، فإن لا خوف في البداية من استهلاكها بشكل غير محدود.


     يبدأ إدمان الرسوم المتحركة في إبعاد الأفراد عن العائلة والأصدقاء. ربما يكون السبب الوحيد لعدم عزل المدمنين عن العائلة والأصدقاء هو إذا كان المقربون منهم يعانون أيضًا من إدمان الرسوم المتحركة. بالإضافة إلى أنه قد يصبح الفرد سريع الانفعال، ويعاني من القلق، وغالبًا ما يتوقف عن ممارسة الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا. وكثيرًا ما يرى الآباء أيضًا انخفاضًا في الأداء المدرسي.


     أما فيما يخص الأفراد الذين يظهرون إدمانًا مدمرًا تجاه الأنيمي فهم دائمو التوق إليه، وينفقون مبالغ كبيرة عليه، ويمكن أن تتدمر علاقاتهم. يمكن أيضًا رؤية علامات أخرى لإدمان الرسوم المتحركة في ما يسمى بـ "الكوسبلاي". وبدأ هذا الأمر أيضًا في اليابان؛ وهو ارتداء الملابس كشخصية مفضلة من الرسوم المتحركة والكتب والأفلام و / أو البرامج التلفزيونية. إن هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون الهروب من الواقع من خلال ارتداء ملابس مثل شخصياتهم المفضلة قد يتسببون لنفسهم بإدمان الرسوم المتحركة.


     يختار الأوتاكو أن يعيش في خيال على الواقع الاجتماعي. وهذا لا يعني أنه لا يمكنهم التمييز بين الواقع والخيال، لكنهم يفضلون الخيال بسبب السهولة التي يظهرها بالتعامل مع الحياة، ويجدون أيضًا أنه يوفر فرصة للاسترخاء والتخلص من القلق، بينما في المقابل يصعب التواصل مع الآخرين. في بعض الحالات الشديدة، يتجاهل الأوتاكو كل شيء ما عدا الأنمي لأن الفرد أنشأ معايير وقيمًا جديدة بناءً على الأنمي الذي يشاهده. وربما يأخذ باعتبار أن العالم الخارجي معطل، بينما عالم الأنمي ليس كذلك.


     حسب الاحصائيات، فإن من الآمن القول أنه لا يوجد سوى القليل عن إدمان الرسوم المتحركة المعروف وهناك حاجة إلى مزيد من البحث حوله. وما زال هناك من يضحك حينما يسمع بمصطلح "إدمان الأنمي"، إذ أنه من الصعب التصديق بوجود حالة كهذه في حياتنا. فيأخذون هؤلاء المستغربين بالتساؤل أنه كيف يمكن لشخص أن يدمن مسلسل كرتوني؟ إنه ببساطة مثل الإدمان على الإنترنت أو ألعاب الفيديو أو أي تطبيق آخر يتعامل معه الناس بدرجات كبيرة تسببت لهم لاحقًا بالإدمان، مثل Snap Chat مثلًا. وبينما لا زلنا لا نملك الكثير من الدراسات، وحيث يلزم أيضًا إجراء المزيد من الأبحاث، قد يكون تشخيص شخص ما بإدمان الرسوم المتحركة أو الأنمي  أمرًا صعبًا وليس بالسهولة التي يبدو عليها أبدًا.


     الأمر الوحيد المعروف هو الـ "Otakusim" والذي يقدم طريقا بديلًا للثقافة السائدة. وربما لا تعرف، إلا أن هناك مؤتمرات وحفلات ومجتمعات مع آخرين يشاهدون الرسوم المتحركة ويستمتعون بها. إنه مجتمع كامل للأشخاص الذين لا يشعرون بأنهم جزء من شيء بالفعل. فيلتقون بهكذا تجمعات و يصنعون عالمهم الخاص بهذا الشكل، ويمارسون ما يعجبهم من فعاليات تتناسب مع ما يشاهدون من الأنمي، كارتداء ملابسهم مثلًا، أو لعب ألعاب الفيديو الخاصة بهم، أو تناول أطعمتهم ومشاهدة المزيد من الحلقات، وأمور أخرى كثيرة مشابهة.


     ونظرًا لأنه هذا الإدمان -إدمان الرسوم المتحركة- يجعل الأفراد هؤلاء يشعرون بالإنفصال في ما يخص التواصل مع الآخرين في المجتمع، وذلك بالتحديد يعكس حالة وثقافة مدمن المخدرات. ومع ذلك، فإن المخدرات ليست ما "يغير" من عقل مدمن الرسوم المتحركة أو الأوتاكو، إن الأنمي هو الذي يفعل ذلك.


     إن مشاهدة الأنيمي هو أكثر بكثير من مجرد مشاهدة المسلسلات التلفزيونية والأفلام أو قراءة الروايات والقصص المصورة. هناك اتفاقيات ومجتمعات كاملة لا ندري عنها تخص الـ كوسبلاي، وأكثر من ذلك، فهي مصممة للأشخاص الذين يستمتعون بالرسوم المتحركة، وهذا يخلق موقفًا أكثر خطورة للمدمنين عليه، حيث تجعل الأمور على إدمانهم أسهل.




Anime Addiction