هل عقوبة الشرك بالله تعالى معجلة في الدنيا وما هي علاماتها

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٢٤ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
ليس مشروطاً أن تكون معجلة في الدنيا، بل قد يؤجلها الله إلى الآخرة وهذا كثير.

فترى كثيراً من الكفار يعيشون حياتهم كفارا على شركهم ومع ذلك يعطيهم الله من الدنيا ويمدهم منها ما يكون فيه فتنة لهم فينالوا نصيبهم منها، ثم يموتون فيكون مصيرهم الخلود في جهنم إلى أبد الآبدين.

فأي مقارنة بين متعة ستين أو ثمانين سنة ثم الخلود في النار!

والسبب في ذلك أن الدنيا هي جنة الكافر وحياته فيأخذ نصيبه منها حتى لو كان قدم بعض الأعمال الحسنة كمساعدة الناس ونصرة المظلومين فإن الله يعطيه أجره في هذه الدنيا معجلاً، لأنه لا نصيب في الآخرة لمن مات مشركاً.

كما قال تعالى في سورة الشورى (وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20).
 
وقد يكون فتح الدنيا على المشرك واستمتاعه بها ظاهراً من باب الاستدراج له كما قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)).

فأخبر سبحانه أنه ابتلاهم بالضراء أولاً فلما لم يرجعوا عن شركهم فتح الله عنهم أبواب الدنيا
فكان ذلك استدراجاً لهم حتى أخذهم بغتة.

أما المسلم فإنه من رحمة الله به أن يعجل له عقوبته على ذنوبه في الدنيا ليكون ذلك كفارة له على معصيته ثم يلاقيه في الآخرة مطهراً من ذنوبه فيرفعه درجات، كما روي في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الخيرَ عجَّلَ لَه العقوبةَ في الدُّنيا، وإذَا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الشَّرَّ أمسَك عنهُ بذنبِه حتَّى يوافيَ بِه يومَ القيامة) (رواه الترمذي في سننه).

ولكن في المقابل قد يعجل الله لبعض المشركين عقوبتهم في الدنيا لحكمة يريدها الله كأن يعله عبرة وعظة لغيره من المشركين كما فعل تعالى بفرعون لما أغرقه في البحر وقال عن ذلك (لتكون لمن خلفك آية)، وخسف بقارون ليكون عبرة للمتكبرين في الأرض.

وقد يعاجل بعض الكفار بعقوبة جزاءً وفاقاً على شدة جرمهم وأذيتهم للمسلمين وعداوتهم لله ورسوله كما حصل مع أبي جهل وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف وغيرهم من عتاة الكفار.
 
والله أعلم