قد تكون أفضل وقد تكون أسوأ بحسب عملك في الدنيا ومصيرك بعد الموت.
فالبرزخ في الأصل هو الفاصل أو الحاجز، والمقصود بحياة البرزخ هي الفترة الفاصلة بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
فالإنسان له ثلاث محطات:
1. الحياة الدنيا: وتبدأ بمولده وتنهي بموته وقبض روحه، وهذه الحياة تعلقها بالبدن أكثر.
2. حياة البرزخ: وتبدأ بموته وقبض روحه وتنتهي بمبعثه يوم القيامة للحساب والجزاء، وهذه الحياة تعلقها بالروح أكثر، حيث يبلى البدن بعد فترة ويتحلل.
3. الحياة الآخرة: وتبدأ بمبعثه يوم القيامة إلى أبد الآبدين بلا نهاية، وهذه الحياة تعلقها بالروح والبدن متساوي وتام.
وقد ورد ذكر البرزخ صراحة في سورة المؤمنون في قوله تعالى (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100))
وحياة البرزخ تعتمد على عمل الإنسان في هذه الدنيا، وأول ما يلقاه الإنسان هناك سؤال القبر وفتنته وامتحانه، حيث بعد دفن الإنسان ينزل ملكان فيقعدان الإنسان في قبره ويسألانه ثلاثة أسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو الرجل الذي بعث فيكم؟
- فمن كان محسناً متقياً في الدنيا ، ثبته الله عند السؤال ولقنه حجته، فأحسن الجواب وكانت حياته بعدئذ في القبر نعيماً إلى يوم القيامة، فيمد له في قبره مد بصره وينزل له رجل جميل الصورة وطيب الرائحة وبيشره ويؤنسه في قبره، ويفتح له طاقة إلى مقعده في الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ما يحمله على دعاء ربه: رب أقم الساعة رب أقم الساعة.
- ومن كان مسيئاً فاسقاً أو كافراً: تعثر ولم يدر ما يجيب فيضربه الملكان ضربة تسمعها المخلوقات كلها إلا الثقلين، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف عليه أضلاعه ثم يأتيه رجل قبيح المنظر قبيح الراحة وهو عمله السيء ليكون بشرى سوء له بما ينتظره، ويفتح له طاقة إلى مقعده في النار فيأتيه من سمومها وعذابها ما يرعبه ويبقى يقول: رب لا تقم الساعة لا تقم الساعة.
وقد ورد كل ما سبق حديث طويل مشهور هو حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
" خرَجْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في جِنازةِ رجلٍ منَ الأنصارِ، فانتَهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وجَلَسنا حولَهُ كأنَّما على رءوسِنا الطَّيرُ، وفي يدِهِ عودٌ ينْكتُ بِهِ في الأرضِ، فرفعَ رأسَهُ، فقالَ: استَعيذوا باللَّهِ من عذابِ القبرِ مرَّتينِ، أو ثلاثًا، زادَ في حديثِ جريرٍ هاهنا وقالَ: وإنَّهُ ليسمَعُ خفقَ نعالِهم إذا ولَّوا مدبرينَ حينَ يقالُ لَهُ: يا هذا، مَن ربُّكَ وما دينُكَ ومن نبيُّكَ؟ قالَ هنَّادٌ: قالَ: ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلِسانِهِ فيقولانِ لَهُ: مَن ربُّكَ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللَّهُ، فيقولانِ: ما دينُكَ؟ فيقولُ: دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ لَهُ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم؟ قالَ: فيقولُ: هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدريكَ؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللَّهِ فآمنتُ بِهِ وصدَّقتُ زادَ في حديثِ جريرٍ فذلِكَ قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا فينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عَبدي، فأفرِشوهُ منَ الجنَّةِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، وألبسوهُ منَ الجنَّةِ قالَ: فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها قالَ: ويُفتَحُ لَهُ فيها مدَّ بصرِهِ قالَ: وإنَّ الْكافرَ فذَكرَ موتَهُ قالَ: وتعادُ روحُهُ في جسدِهِ، ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلسانِهِ فيقولانِ: من ربُّكَ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ قالَ: فيأتيهِ من حرِّها وسمومِها قالَ: ويضيَّقُ عليْهِ قبرُهُ حتَّى تختلِفَ فيهِ أضلاعُهُ زادَ في حديثِ جريرٍ قالَ: ثمَّ يقيَّضُ لَهُ أعمى أبْكَمُ معَهُ مِرزبَةٌ من حديدٍ لو ضُرِبَ بِها جبلٌ لصارَ ترابًا قالَ: فيضربُهُ بِها ضربةً يسمَعُها ما بينَ المشرقِ والمغربِ إلَّا الثَّقلينِ فيَصيرُ ترابًا قالَ: ثمَّ تعادُ فيهِ الرُّوحُ" (رواه أبو داود).
والله أعلم