هل تعتقد بأنه من الممكن تحضير الهيدروجين المعدني معملياً؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
٠٥ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
    قد يكون من المستغرب إطلاق مفهوم المعدن على غاز الهيدروجين! وقد تعتبر وجود الهيدروجين السائل أمرًا مقبولًا عند ضغطه تحت ظروف معينة ليستخدم كوقود للصواريخ. لكن ثبت أن هذا الأمر صحيح عند تعرض غاز الهيدروجين لكمية ضغط هائلة في بيئات متطرفة. فلمدة طويلة، تنبأ العلماء وجود مثل هذا المعدن في داخل قلب الكواكب الغازية العملاقة في المجموعة الشمسية مثل المشتري وزحل. حيث تتغير فيزياء المواد جذريًّا.  في عام 1935، اقترح الفيزيائيان يوجين وينر وهيلارد هنتنغتون فكرة تحول غاز الهيدروجين لمعدن بعد تعرضه لضغوط تبلغ حوالي 25 جيجا باسكال، مما يجعله موصلًا للحرارة والكهرباء. 

  قام رانجا دياس وإيزاك سيلفيرا من جامعة هارفارد بضغط عينة من الهيدروجين تحت ضغوط غير عادية وفي درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق. في ورقة بحثية نشرت في مجلة Science، وجدوا أنه في هذه الظروف، تصبح الذرات مكتظة لدرجة أنها بدأت في مشاركة الإلكترونات. أشارت السحابة المشتركة للإلكترونات إلى انتقال الهيدروجين إلى حالة معدنية، مما يجعل الهيدروجين لامعًا وموصلًا كهربائيًا. 

  لمحاولة صنع هذا الشكل الغامض من الهيدروجين، علم دياس وسيلفيرا أنه كان عليهما سحق الهيدروجين تحت ضغوط لا تصدق. لقد فعلوا ذلك باستخدام ما يُعرف بخلية سندان الماس - حيث يتم وضع عينة صغيرة جدًا من الماستين - قادرة على تطبيق ضغوط تصل إلى بضع مئات من الجيجا باسكال. ولمنع الماس من التصدع، تم تلميع الأطراف بعناية لإزالة عيوب السطح، وتسخينها لإزالة أي ضغوط داخلية متبقية، ومغطاة بالألومينا، وهو مركب شديد الصلابة من الألمنيوم والأكسجين لا يستطيع الهيدروجين التسرب خلاله. وعند ضغوط تتراوح بين 465 و495 جيجا باسكال وهو ما يتجاوز 360 جيجا باسكال من نواة الأرض. - أعلى بكثير مما توقعه فيجنر وهنتنغتون - بدأ الهيدروجين يتحول إلى اللون الأسود وينعكس في النهاية. في ضغوط منخفضة نسبيًا، كان الهيدروجين الصلب المضغوط شفافًا. مع اشتداد الضغط، بدأ يتحول إلى معتم وأسود. ولكن عند 495 جيجا باسكال، كان الهيدروجين لامعًا وعاكسًا، مما يشير إلى تحوله إلى معدن (على الرغم من أن الباحثين لا يستطيعون التأكد مما إذا كان صلبًا أم سائلًا). 

  وبينما لم يكتشف الفيزيائيون بعد مدى استقرار الهيدروجين المعدني في درجات حرارة أعلى، يعتقد دياس وسيلفيرا أن الهيدروجين المعدني يمكن أن يكون "مهمًا لحل مشاكل الطاقة ويمكن أن يحدث ثورة في صناعة الصواريخ كوقود دفع قوي". 

  تمكن فريق من العلماء الفرنسيين من إنتاج هذا الهيدروجين في المختبر. تكوَّن الفريق المسؤول عن الدراسة من ثلاثة باحثين: بول دوماس من قسم التطبيقات العسكرية    Division of Military applications  وبول لوبير وفلورنت أوكيلى من الهيئة الفرنسية للطاقة البديلة والطاقة الذرية French Alternative Energies and Atomic Energy Commission    وفي منشأة الأبحاث سنكترون سولىSynchrotron SOLEIL research facility. 

 تم الإعلان عن الدراسة وسط كثير من المتشككين من العلماء والباحثين مع وجود العديد ممن اعتقد أن نتائج الدراسة حقيقية. كان عنوان الدراسة مراقبة انتقال طور من الدرجة الأولى إلى هيدروجين معدني بالقرب من 425 جيجا باسكال. وحتى نعرف كيف تعامل العلماء مع الهيدروجين  سنجد أنهم اعتمدوا على ما يسمى طاقة الفجوة (Energy Gap)، التي تحدد نوع العنصرمن حيث كونه موصلًا أو شبه موصل أو عازل والتي يعبر عنها أيضا بـ"مجموعة الفجوة"  (Energy Band). وفق النموذج الكمومي للعناصر تتقسم الإلكترونات بداخل الذرات إلى مجموعتين. مجموعة التكافؤ (Valence Band) وهي إلكترونات لا تشارك في التوصيل الكهربي. ومجموعة التوصيل Conduction Band)) وهي إلكترونات  تشارك في التوصيل الكهربي. يحتاج الإلكترون للانتقال من مجموعة التكافؤ لمجموعة التوصيل مقدارًا من الطاقة يسمى بطاقة الفجوة. في الموصلات (مثل المعادن) تنعدم تقريبًا طاقة الفجوة، أما في العوازل فتكون كبيرة، وتكون متوسطة في أشباه الموصلات. يشير هؤلاء العلماء في دراستهم أن الهيدروجين المعدني سيتواجد بسبب قواعد الحبس الكمومي. أي أنه إذا كانت إلكترونات أي مادة مقيدة بدرجة كافية في حركتها، فسيحدث ما يُعرف باسم "إغلاق فجوة النطاق" (Band gab closure) في النهاية. 

كما قرروا تعديل السندان الماسي بجعل أطراف الماس حلقية الشكل وبها ثقب من منتصفها- مثل كعكة الدونات- بدلًا من أن تكون مسطحة الشكل. لذلك أصبح بالإمكان تجاوز الضغط للوصول لحد 600 جيجا باسكال. قام فريق البحث بتصميم نوع جديد من مطياف الأشعة تحت الحمراء لقياس العينة. وعندما وصلت عينة الهيدروجين لضغط 425 جيجا باسكال ودرجة حرارة -193 درجة مئوية، تم امتصاص كل الأشعة تحت الحمراء، أي أنهم أغلقوا فجوة النطاق. 

  نتائج هذه الدراسة تم التشكيك بها ونقدها بسبب الادعاءات السابقة من قبل فرق أخرى بصناعة الهيدروجين المعدني وعدم استطاعتهم إثبات ذلك. كما لم يتم مراجعة الدراسة السابقة، والتحقق من صحتها من قبل علماء الفيزياء والكيمياء الآخرين. ومع ذلك تم تأييد الدراسة من قبل مادوري سومايازولو، أستاذ أبحاث مشارك في مختبر أرغون الوطني لم يشارك في هذه الدراسة، حيث قال: "أعتقد أن هذا الاكتشاف يستحق جائزة نوبل حقًا. لقد كان دائمًا ، ولكن ربما يمثل هذا أحد أنظف وأشمل الأعمال المتعلقة بالهيدروجين النقي". كما أعرب سومايازولو عن معرفته للمؤلف الرئيسي للدراسة بول دوماس "جيدًا"، وأن دوما "عالم دقيق ومنهجي بشكل لا يصدق". يقول راينهارد بوهلر، الفيزيائي في معهد كارنيجي للعلوم في واشنطن العاصمة: "إذا صنعوا الهيدروجين المعدني حقًا، فسيكون ذلك رائعًا". ويضيف: "هذه التجارب من الصعب جدًا إعادة إنتاجها، لكن يجب إعادة إنتاجها لمعالجة الشكوك. " 

   عبر ألكسندرغونشاروف وهو عالم من المختبر الجيوفيزيائي في معهد كارنيجي للعلوم عن شكه عندما ادعى فريق بحثي من مختبر ليمان للفيزياء بجامعة هارفارد أنه صنع هيدروجينًا معدنيًا باستخدام عملية مماثلة، وذلك عام 2017. لكنه قال عن هذه التجربة الأخيرة: "أعتقد أن الورقة تحتوي على بعض الأدلة الجيدة حول سد فجوة النطاق في الهيدروجين. بعض التفسير غير صحيح وبعض البيانات يمكن أن تكون أفضل، لكنني أثق عمومًا في أن هذا صحيح. " 

  يمكن للهيدروجين المعدني المتكون أن يكون له تطبيقات لا نهائية، لخصائصه فائقة التوصيل في درجة حرارة الغرفة، واحتفاظها بصلابته بمجرد إعادته للوضع الطبيعي، لذا يمكن استخدامه في مجال الإلكترونيات. وأيضًا في مجال البحاث الفيزيائية عالية الطاقة (High-Energy physics) كما في CERN. مع إمكانية دراسة ظروف الكواكب العملاقة دون الحاجة لإرسال مجسات استكشافية، حيث يشبه الهيدروجين المعدني إلى حد كبير الاندماج البارد. كما يمكن استخدامه في صنع أسلاك فائقة التوصيل تنقل الكهرباء لمسافات شاسعة دون تبديد أي طاقة. يتكهن الفريق أيضًا بأن الهيدروجين المعدني كثيف الطاقة لدرجة أنه يمكن استخدامه يومًا ما في إنتاج وقود صاروخي أقوى بكثير من أي شيء لدينا حاليًا - مما أحدث ثورة في كيفية وضع الأشياء في الفضاء. 

المراجع: 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة