الإيمان بالمخلص كفكرة لها أساس عند كل أصحاب الديانات ، على اختلاف بينهم في طبيعة هذا المخلص وشخصيته والغاية من قدومه وماذا سيفعله .
فاليهود مثلا يؤمنون بخروج مخلص لهم في آخر الزمان ، يتبعونه ويساعدونه على مقصده ويكونون معه ، يسيح في الأرض ، ويظهر اليهودية بزعمهم ويقتل كل أصحاب الديانت الأخرى ممن يرفضون الدخول في اليهودية ، ويقوي شوكة دولتهم في القدس وفلسطين ويقيم الهيكل ، وغير ذلك مما يعتقدونه فيه
ونحن كمسلمين نؤمن أن اليهود سيتبعون الدجال الأعور الذي سيخرج في آخر الزمان والذي يدعي النبوة أولا ثم يدعي الألوهية ، وسيتبعه أول ما يتبعه سبعون ألفا من يهود أصفهان في إيران .
والنصارى يؤمنون بالمخلص وهو عيسى عليه الصلاة والسلام ، ويعتقدون أن عيسى عليه السلام بحسب اعتقادهم هو ابن الرب - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وان الرب ارسله ورضي أن يصلب وأن يهان ويقتل ثم أحياه بعد ثلاثة أيام ورفعه عنده ، كل ذلك تخليصا للناس من خطيئة أبيهم آدم ، ثم تخليصا للمؤمنين به من خطاياهم ، ليكون صلبه فداء لهم من النار ، فلا يدخلونها .
أما الرافضة - أو الشيعة الاثني عشرية - فيؤمنون بخروج المهدي الذي هو عندهم حسب اعتقادهم الإمام الثاني عشر ابن الإمام الحادي عشر الحسن العكسري ، حث يزعمون أن للحسن رحمه الله ابنا اسمه محمد هو الإمام من بعده وأن هذا الإمام دخل جبا ( بئرا) في مدينة سامراء في القرن الرابع الجهري ، وأنه سيخرج في آخر الزمان فيقيم دولة ويعيد الحكم لآل البيت ويظهر التشيع لآل البيت ويحارب مخالفيهم خاصة أهل النصب - ممن يرفضون إمامة أهل البيت ولا يتولونهم بزعمهم وهم أهل السنة والجماعة .
وقد علق الرافضة أحكاما على غياب هذا المهدي وظهوره بحسب مصادرهم منها عدم إقامة الجمعة والجماعة ولا القتال حتى يخرج هذا المهدي ، لكنهم لما رأوا ذلك ضعفا في العقل والشأن لجؤوا إلى فكرة ولاة الفقيه .
أما المسلمين من اهل السنة فيعتقدون أنه سيخرج رجل في آخر الزمان من سلالة النبي عليه السلام يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ويقيم حكم الإسلام في الأرض ، كما يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان والذي سيحارب المسيح الدجال الذي يؤمن به اليهود باعتباره مخلصهم ويقتله ، ثم يقيم حكم الإسلام في الأرض ، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ثم يموت بعد ذلك عليه السلام .
وأهل السنة لايسمون هذا الرجل الذي يخرج آخر الزمان أو عيسى عليه السلام بالمخلص ، فهو لا يخلصهم من ذنوبهم ، بل الذي يخلص الإنسان هو عمله وسعيه .
كما أنهم لا يبنون أحكاما شرعيا على خروجه أو يعلقون شأن الدين به ، بل هو رجل يخرج في آخر الزمان يجدد أمر الإسلام كما أخبر النبي عليه السلام ، وكذلك عيسى عليه السلام له مهمة تناط به وحكمة في نزوله لكن لا نسميه مخلصا بل هو سيكون تابعا ومصدقا بنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام .
وهذا ما أؤمن به لانه ينبني على دليل صحيح ويتفق مع العقل الصريح ، وهو جزء من ثبوت دين الإسلام ومعجزته ، وليس فيه خرافات أو تكهنات .
والله أعلم