ملخص الإجابة:
نعم : فلقد بكى النجاشي ومن حوله وانهمرت دموعهم بشكل غزير وبشدة لا من أجل حسن الصوت بل من أجل المعنى وفهمهم أن ما سمعهوه من كلام الله تعالى هو الحق والصواب فتأثروا بالكلمات وبالمعاني التي تلاها وألقاها عليهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقد كان خطابا مهيبا ومؤثرا .
- فبكوا لكون الآيات توافق ما في كتبهم، على الرغم أنهم لم يروا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعش معهم، ولكن كلمات القرآن الكريم كانت كافية لترق قلوبهم وليجهشوا بالكباء كيف لا يكون ذلك والله تعالى قال (لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الحشر آيه 21
- فعندما سمع النجاشي تلك الكلمات، التي ألقاها جعفر بن أبي طالب فلم يتمالك هو وأتباعه والأساقفة قلوبهم ولا أعينهم فأجهشوا بالبكاء وقد بكوا حتى ابتلت لحاهم، لأن الكلمات التي ألقاها كانت تصف حال المسلمين وتصف الظلم الذي حل بهم من كفار قريش ولأن ذلك كان موجودا في كتبهم التي جاء بها سيدنا عيسى. فعرفوا بأنهم على حق .
- وبعد سماع الخطاب كان رد وقرار النجاشي أنه قال:
*إن هذا والذي جاء به موسى (وفي رواية: عيسى) ليخرج من مشكاة واحدة". وإن هذا ليعد إقرارًا منه بصدق الرسالة، وصدق رسول الله r وصِدق جعفر ومن معه. ثم التفت إلى عمرو وعبد الله بن أبي ربيعة وقال لهما: "انطلقا، فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا".
-وهنا نورد لكم الخطاب العظيم الذي ألقاه الصحابي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه والقصة أخرجها الإمام أحمد في مسنده:
فقد ورد عن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم... وفيه: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، فقال له: (أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قال: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا، وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك، قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم؟ فقال له النجاشي: فاقرأه علي، فقرأ عليه صدرًا من سورة مريم (كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * .....) من آية 1/22
قالت: فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا، ولا أكاد..)
- ونستنتج من ذلك بأن الوفد الإسلامي الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم قد نجح في إقناع النجاشي وأساقفته في الدخول للدين الإسلامي . وقد نجح جعفر بن أبي طالب بأن استطاع أن يدخل إلى قلوبهم وعقولهم.