ستجد سبب سوداويته التي تسأل عنها منذ طفولته، إنها لطالما كان يملك أساس هذه الكآبة الموجودة في أعماله منذ ولد.
فرانز كافكا (1883 - 1931)، روائي ألماني. عاش طفولته كأنه وحيد رغم أنه امتلك خمسة إخوة، ولكنه كذلك قام بدوره كأخ كبير.
أما عن علمه فقد تلقى الكثير. درس الحقوق، وتعلم العبرية بمساعدته معلمة خاصة، وكذلك تعلم الكيمياء والأدب في إحدى الجامعات الألمانية. وفي عام 1906؛ حصل على دكتوراة في القانون.
يبدو أن كافكا كان مولعًا بالكتابة بشكل واضح، إلا أنه لم يكن يوافق على نشر أي منها، ربما القليل القليل فقط. حتى أنه كان يطلب من صديقه أن يدمر ويتخلص من كل كتاباته عند موته، إلا أن صديقه لم يسمع لمطالبه، ونشر أعماله بعد وفاته.
لم تقتصر أعماله على الروايات فقط، بل كان هنالك العديد من القصص القصيرة، والرسائل، والمقابلات، والمقالات. وكما ذكرت لك سابقًا، فإن ما نشر في حياته ليس الكثير، لذا شهرته الواسعة ظهرت للأسف فقط بعد وفاته. حتى أن صديقه -والذي كان يدعى ماكس برود- قال أن كافكا كان قد أحرق الكثير من أعماله الروائية المنتهية. ترى هنا أنه لم يبحث عن الشهرة والإهتمام، ربما كان يكتب لنفسه فقط. وذلك الأرق الذي كان يلازمه، كان السبب في جعله يلجأ لحرق أعماله أملًا في خلق التسلية ربما.
ترى أن النقاد كانوا قد اعتبروا أعمال كافكا كابوسية أو حتى مرعبة. وذلك لأنه كان يتعمد كشف الستار عن السوداوية البشرية في أعماله. حتى أنه كان يوضح مصير النفس البشرية، والتي كان يرى أنه العدم في جميع الأحوال.
من أغرب الأعمال التي أنتجها كافكا هي روايته "التحول / المسخ"، عمل يبدأ بقول أن بطل القصة استيقظ ووجد نفسه حشرة ضخمة! ربما تجد الأمر مثيرًا للسخرية قليلًا، لكن ألم تفكر مثلي في كل الإنسانية التي كان يحملها هذا الشخص من أحلام وطموح وأصدقاء وعائلة؟ تصور كيف أنه خسرهم في لحظات. حتى أن كافكا لم يتكلف عناء الشرح. لم أصبح حشرة؟ أو كيف؟ لا إجابات على أسئلة كان كافكا يحملها ضمنيًا. هكذا هو الأمر، لا شيء متوقع.
وإليك كتاب "رسالة إلى الوالد"، وأذكر لك هنا أن علاقة كافكا بوالده لطالما كانت مضطربة. استخدم كافكا يومياته وحقيقة علاقاته ليتحدث بها هنا. فترى الكآبة في كل مكان حين يذكر بين الصفحات أن هذا الذي يكتبه هنا هو ما لم يستطع أن يذكره على صدر أبيه.
يملك كافكا الكثير من الأعمال التي وصلتنا، وغيرها التي استطاع أن يتخلص منها. وفي كلتا الحالتين، نستطيع أن نتأكد كم كان كافكا كاتبًا بارعًا، ذو نظرة كئيبة إلا أنها عميقة. وكل أعماله بالفعل تستحق القراءة.