القوامة حق وواجب في نفس الوقت وهي لا تعني التحكم والتسلط كما قد يعتقد البعض ولكنها تعني إدارة أمور العائلة وتسييرها وتحمل مسؤولياتها بالطريقة التي تحقق المقصد من هذه الأسرة.
وهذا الحق ليس مطلقاً وإنما مقيد بقدرة الرجل على القيام بواجباته ومسؤولياته فإذا انتفت قدرته سقط عنه الحق، وصار للمرأة الخيار بفسخ الحياة الزوجية أو متابعتها مع صبرها حتى تتغير الأحوال.
فالأسرة مؤسسة شأنها شأن أي مؤسسة لا بد لها من مسؤول عنها وقائد لها، وبدون رأس لهذه المؤسسة تضيع الأمور وتفسد الأحوال ويضطرب كيان الأسرة، لذلك اختار الله تعالى الرجل ليكون له القوامة على المرأة وأعطه زمام القيادة لهذه الأسرة وجعل سبحانه لذلك سببين اثنين:
الأول: تفضيله تعالى الرجل ببعض المؤهلات في شخصيته تجعله هو الأقدر والأنسب لقيادة العائلة، من حيث القدرة على التحكم في النفس وعدم الانجرار وراء العاطفة وسعة الأفق ومعرفته بشون الحياة بحكم كثر معافسته للحياة واطلاعه على شؤونها وقدرته على تحمل مسؤولياتها وتبعاتها وصبره على مشاقها.
وهذا كله من حيث الأصل، وإلا فقد يكون بعض النساء أقدر من بعض الرجال في جانب من هذه الجوانب أو أكثرها، ولكن العبرة بالأعم الأغلب، وذلك حتى لا يعترض علينا بأمثلة هنا وهناك تقلا دائماً في هذا السياق.
الثاني: تحمله مسؤولية النفقة على العائلة، فهو الذي تلزمه النفقة على زوجته وأولاده، ولا يلزم زوجته الاكتساب أو النفقة على العائلة ولو كانت موسرة ذات مال.
والقوامة تقتضي إضافة إلى مسؤولية النفقة والاكتساب، مسؤولية التربية وإدارة شؤون الأسرة ورعاية مصالحها، فهي مهمة ليست باليسيرة ولا تعني التجبر والتسلط بحال من الأحوال، وحتى تنتظم أمور الأسرة أمر الله الزوجة بطاعة زوجها وعظم هذا الحق كثيراً.
وقلنا أن هذا الحق ليس مطلقاً: لأنه إذا لم ينفق على زوجته وتعذر أخذ هذه النفقة منه فإنه يجوز لها في هذه الحال الخروج للتكسب دون إذن الزوج ولا يبقى له إذن لأنه لم يستطع القيام بواجبه، ولها في نفس الوقت عند جمهور العلماء طلب فسخ النكاح لأجل الإعسار وإن كان لهذه المسألة تفاصيل وفروع.
وكذلك إذا وصل الزوج حالا يحكم عليها فهي بالسفه أو نقص العقل الذي لا يمكن معه تسليمه زمام الأمور في عائلته لأنه سيفسد ويكون في طاعة المرأة له فيما يطلبه مفاسد ظاهرة، فإن قوامته تسقط أيضاً ولا يلزم المرأة طاعته حتى لا تقع المفسدة.
والله أعلم