الحديث الذي يقول: "من زنى زني به ولو بحيطان داره"
والحديث الذي يقول: "ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا إلا ابتلي في أهل بيته"
- فهذين الحديثين باطلين وموضوعين ولا يصحان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- ولكن من تعود على الزنا يخشى أن يزني بأهل بيته عقوبة له سواء قربوا أو بعدوا، فيزنى بزوجته أو بنته أو أخته ونحو ذلك، لأن من هتك عرض غيره هتك الناس عرضه!!!
- وجميع الذنوب يؤجل الله تعالى عقوبتها إلى الآخرة إلا عقوبتي عقوق الوالدين والزنا، فالله تعالى يعجل بعقوبتهما بالمثل في الدنيا.
- أما من زنى فالأصل أن يقام عليه الحد لأن الزنا من السبع الموبقات والمهلكات والتي رتب الشرع على فعلها حد في الدنيا وعقوبة في الآخرة.
- وحد الزاني يختلف باختلاف الزاني:
- فإن كان الزاني شاب أعزب (غير محصن) فعقوبته جلد مائة وتغريب عام.
- أما إن كان الزاني متزوج (محصن) فعقوبته الرجم حتى الموت.
- قال الله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) سورة النور (2)
- أما إذا لم تتوفر العقوبة مع التوبة فتكفي التوبة الصادقة بشروطها المعروفة وهي:
أولاً: النية الصادقة في التوبة.
ثانياً: ترك الذنب فوراً لوجه الله تعالى.
ثالثاً: الندم على فعل الذنب في الماضي.
رابعاً: العزم الأكيد على عدم الرجوع إليه مستقبلاً.
خامساً: أن لا تكون التوبة وقت الغرغرة أو وقت طلوع الشمس من مغربها. كما في صحيح مسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
سادساً: العمل الصالح الذي يدلل على صدق التوبة.
- والتائب من الذنب كمن لا ذنب له أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) {هود: 114}. - وفي صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) حسنه الألباني.
- فمن خلال النصوص الشرعية السابقة يتبين لنا أن فعل الحسنات يذهب السيئات مع التوبة النصوحة طبعاً، وإقامة الصلاة والمحافظة عليها، والبعد عن المعاصي ما استطاع إلى ذلك سبيلا، لقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم).
- وعليه: فما دام أن الزاني تاب توبة نصوحا فالله تعالى يقبل توبته ويغفر الذنوب جميعاً، ويقبل صلاته وقيامه لليل ودعاءه.
- قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة الزمر (53)
- ولكن لا بد من التنبيه على أمر هنا وهو: أن تكون بين حالتي الرجاء في (قبول التوبة) والخوف من العقاب من الله تعالى، قال تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) [سورة المؤمنون: 60].
- فعن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: "أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات". أخرجه الترمذي.
- ومن العلامات التي تدل على صدق توبتك:
أولاً: أنك تجد حرقة في قلبك على ما اقترفت من الذنب.
ثانياً: وأن تنظر إلى نفسك بعين التقصير في حق الله سبحانه وتعالى.
ثالثاً: البعد عن الذنوب والمعاصي وعن أسباب الوقوع فيها وعن خطوات الشيطان.
رابعاً: أنك تجد حلاوة في إيمانك وتشعر بزيادته وتتقرب من الله تعالى أكثر.
خامساً: مصاحبة أهل الإيمان والفضل والخير والبعد عن أصدقاء السوء ومن لا خير فيهم.
سادساً: أن تحمد الله تعالى على أن وفقك للتوبة وأن تحافظ عليها وتخاف زوالها، وتخشى عقوبة نكثها.
والله تعالى أعلم.