لا شك في أن كتاب "ألف ليلة وليلة" من أثمن كتب التراث العربي وأكثرها شهرة على الإطلاق. وعلى الرغم من أنها مجموعة قصص مختلفة حول شعوب عربية ومصرية وفارسية وهندية، إلا أنها تتضمن تراثًا غنيًا في جنباتها وبين سطورها.
كتبت هذه القصص من قبل مؤلفين عدة ذوي جنسيات مختلفة، وتتمحور القصص حول العصور القديمة والوسطى. أما عصر جمعها وترجمتها كان في العصر الذهبي للإسلام.
ما تتميز به هذه الحكايات هي مقدمتها التي تتضمن شخصية شهريار وزوجته صاحبة الحكايات شهرزاد. منها ما كتب على شكل نثر وهو الشكل الغالب، وآخر ما كتب على شكل شعر. وفي بعض المطبوعات ترى عدة مئات من الحكايات، ولكن في مطبوعات أخرى هناك حكايات ألف ليلة وربما أكثر. والعديد من هذه القصص اشتهر أكثر من غيرها وذاع صيته وتداوله الناس بكثرة دونًا عن حكايات أخرى. ومن الأمثلة على هذه القصص كانت "علاء الدين ومصباحه السحري"، "رحلات سندباد السبعة"، "علي بابا والأربعون حرامي"، وغيرها من الحكايات التي ما أن تسمع عنوانها ستجد نفسك تتذكر عدد المرات الكثيرة التي سمعتها به. ويقال أن هذه الحكايات تحوي منها ما حدث فعلًا وكان واقعًا بين الناس قديمًا. ومنها أيضًا ما كان محض خيالٍ وتأليف. وهناك حكايات أخرى حصلت لاحقًا في منطقة الشرق الأوسط، وتمت إضافتها من قبل مؤلفين ومترجمين أوروبيين إلى النسخ اللاحقة والتي لم يتوقف إصدارها.
تبدأ الحكايات بقصة الملك شهريار الذي تعرض لصدمة في حياته، كانت تكمن في اكتشافه أن زوجة أخيه خائنة، ثم تلا ذلك خيانة زوجته له. وإثر تأثره بما حصل، أصبح لا يؤمن بالنساء، ولا يستطيع أن يثق بهن. وأخذ يتزوج بالفتيات بشكلٍ مسرف، إلا أنه كان يقتلهن في ليلته الأولى معهن لأنها لم يعد يثق بأي إمرأة.
حتى أتت يومًا شهرزاد ورغبت بالزواج من الملك شهريار. ومنذ الليلة الأولى، بدأت شهرزاد تقص على الملك حكاياتها الكثيرة والمتنوعة. وهكذا ليلة بعد ليلة، كانت تفاجئه بقصة جديدة ومختلفة لم يكن يتصورها عقله. وكانت تجعله يتشجع لأن يستمع لنهايتها، فينتظر اللية التالية بحماس يملأ قلبه. وما أن تنهي واحدة حتى تبدأ بالأخرى. وبهذا لم تترك مجالًا للملك شهريار في أن يفكر أن يتخلص منها وهو ينتظر نهاية حكاياتها. وهكذا يستمر الأمر حتى أكملت عنده ألف ليلة وليلة.
تنوعت الشخصيات التي تمحورت حولها القصص، وكذلك الأماكن والأزمان. ولا شك في أن هذا كان سببًا مهمًا في أن تشد القارئ، وأن تجعله مهتمًا ومتشوقًا للمزيد. بهذا تعدت اصدارات هذه الحكايات أعدادًا هائلة، وكذلك كانت اللغات التي ترجمت إليها.
ويذكر أن هذه الحكايات كانت تحوي صورُا ولوحات فنية بين صفحاتها، وتنوعت الثقافات التي رسمتها وصورتها. وإلى اليوم لا يمكننا تحديد صاحبٍ لها أو مؤلفٍ محدد. ورغم ذلك فالآراء والنظريات لم تنتهي، بل وربما مال زالت تزداد إلى أيامنا هذه.