-هو عمرو بن عبد ود فارس قريش وقائدها . وهو الوحيد الذي إستطاع عبور الخندق الذي تم حفره حول المدينة يومها .
- ويذكر ابنِ إسحاقَ هذه الحادثة فيقول : خَرَجَ - يَعنِى يَومَ الخَندَقِ - عمرُو بنُ عبدِ وُدٍّ فنادَى : مَن يُبارِزُ ؟ فقامَ عليٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو مُقَنَّع فى الحَديدِ فقالَ : أنا لَها يا نَبِيَّ اللَّهِ. فقالَ: إنَّه عمرٌو، اجلِسْ .
ونادَى عمرٌو: ألا رَجُلٌ . وهو يُؤَنَبُهُم ويَقولُ : أينَ جَنَّتُكُمُ التى تَزعُمونَ أنَّه مَن قُتِلَ مِنكُم دَخَلَها ؟ أفَلا يَبرُزُ إلَيَّ رَجُل ؟
فقامَ عليٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقالَ : أنا يا رسولَ اللَّهِ . فقالَ : اجلِسْ .
ثُمَّ نادَى الثَّالِثَةَ وذَكَرَ شِعرًا، فقامَ عليٌّ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ أنا . فقالَ : إنَّه عمرٌو ، قال : وإِن كان عَمرًا.
فأَذِنَ له رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمَشَى إلَيه حَتَّى أتاه وذَكَرَ شِعرًا ، فقالَ له عمرٌو: مَن أنتَ؟
قال: أنا عليٌّ .
قال : ابنُ عبدِ مَنافٍ ؟
فقالَ : أنا عليُّ بنُ أبى طالِبٍ.
فقالَ : غَيرُكُ يا ابنَ أخِى مِن أعمامِكَ مَن هو أسَنُّ مِنكَ ، فإِنِّى أكرَهُ أن أُهَريقَ دَمَكَ .
فقالَ عليٌّ - رضي الله عنه - : لَكِنَى واللهِ ما أكرَهُ أن أُهَريقَ دَمَكَ .
فغَضبَ فنَزَلَ وسَلَّ سَيفَه كأنَهّ شُعلَةُ نارٍ ، ثُمَّ أقبَلَ نَحوَ عليٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُغضبًا ، واستَقبَلَه عليٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بدَرَقَتِه ، فضَرَبَه عمرٌو في الدَّرَقَةِ فقَدَّها ، وأَثبَتَ فيها السَّيفَ وأَصابَ رأسَه بشَجَّةٍ ، وضَرَبَه عليٌّ على حَبلِ العاتِقِ فسَقَطَ ، وثارَ العَجَاجُ ، وسَمِعَ رسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّكبيرَ، فعَرَفَ أن عَليًّا قَد قَتَلَه" .
-كما روى الحاكم في "المستدرك" (3/ 33) رواية موصولة ، فيها : أن عليًّا رضي الله عنه قتل عمرو بن ود في غزوة الخندق ، وذلك من حديث مقسم ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ: " قُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، فَطَلَبُوا أَنْ يُوَارُوهُ ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَعْطَوْهُ الدِّيَةَ ، وَقُتِلَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ عَمْرِو بْنِ عَبْدٍ وُدٍّ قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُبَارَزَةً".
- وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (3/ 243) في كلامه عن غزوة الخندق : " وَأَقَامَ الْمُشْرِكُونَ مُحَاصِرِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ لِأَجْلِ مَا حَالَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَنْدَقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، إلَّا أَنَّ فَوَارِسَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ عمرو بن عبد ود ، وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ أَقْبَلُوا نَحْوَ الْخَنْدَقِ ، فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَيْهِ قَالُوا : إنَّ هَذِهِ مَكِيدَةٌ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُهَا ، ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكَانًا ضَيِّقًا مِنَ الْخَنْدَقِ ، فَاقْتَحَمُوهُ ، وَجَالَتْ بِهِمْ خَيْلُهُمْ فِي السَّبْخَةِ بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَسَلْعٍ ، وَدَعَوْا إِلَى الْبِرَازِ ، فَانْتُدِبَ لعمرو عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَبَارَزَهُ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، وَكَانَ مِنْ شُجْعَانِ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْطَالِهِمْ ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ إلَى أَصْحَابِهِمْ "
-وهذا يدل على شجاعة وقوة الصحابي الجليل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي تربى في مدرسة النبوة والقوة والشجاعة ،وفي ميدان الرجولة والعزة والكرامة ،
- كما أن علياً - رضي الله تعالى عنه - كان يومها في عمر الشباب، فأين الشباب اليوم من الاقتداء به وبغيره من الصحابة الكرام!! بل أن معظمهم يقتدون اليوم بالشخصيات الأجنبية الكافرة والمغنيين والممثلين واللاعبين ومشاهير منصات التواصل الإجتماعي!!
- ويذكر أن فارس قريش عمرو بن ود - كان من هيبته وقوته وجبروته وشدة بطشه أن النساء كانت تخوف صغارها ذكر اسمه أمامهم!!!