هو الصحابي الجليل صهيب بن سنان بن مالك ، المشهور بصهيب الرومي ، مع أنه عربي الأصل ، ولكن الروم أغارت على قافلة كان فيها هو وأمه فأسروه فعاش عندهم فترة ثم بيع لعبد الله بن جدعان من كبار تجار قريش فنسب إلى الروم .
أما قصة قول النبي عليه الصلاة والسلام له هذه الجملة ( ربح البيع أبا يحيى ) فقد رواها أهل السير ومنهم ابن كثير في البداية والنهاية حيث قال :
" صهيب بن سنان بن مالك أبو يحيى الرومي ، وأصله من اليمن ،من قاسط ، وكان أبوه أو عمه عاملا لكسرى على الأبلة ، وكانت منازلهم على دجلة عند الموصل - وقيل : على الفرات - فأغارت على بلادهم الروم ، فأسرته وهو صغير ، فأقام عندهم حينا ، ثم اشترته بنو كلب ، فحملوه إلى مكة ، فابتاعه عبد الله بن جدعان ، فأعتقه ، وأقام بمكة حينا .
فلما بعث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، آمن به قديما هو وعمار بن ياسر في يوم واحد بعد بضعة وثلاثين رجلا ، وكان من المستضعفين الذين يعذبون في الله عز وجل .
ولما هاجر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هاجر صهيب بعده بأيام ، فلحقه قوم من المشركين يريدون أن يصدوه عن الهجرة ، فلما أحس بهم نثل كنانته بين يديه وقال لهم: والله لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، ووالله لا تصلون إلي حتى أقتل بكل سهم من هذه رجلا منكم ، ثم أقاتلكم بسيفي حتى أقتل ، وإن كنتم تريدون المال فأنا أدلكم على مالي ، هو مدفون في مكان كذا وكذا .
فانصرفوا عنه فأخذوا ماله .
فلما قدم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال له : ربح البيع أبا يحيى . وأنزل الله تعالى
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد (البقرة : 207) " .
فصهيب رضي الله عنه اشترى نفسه وعقيدته ودينه وهجرته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع ماله ، فباع الدنيا واشترى الآخرة ، فكان نعم البيع بشهاة الوحي !