قال الله تعال: (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ﴾ سورة يوسف (96).
- فالبشير كما تقول كتب التفسير: هو المبشر عن يوسف.
1- قال ابن مسعود رضي الله عنه: جاء البشير من بين يدي العير.
2- قال ابن عباس رضي الله عنه: هو يهوذا.
3- قال السدي: قال يهوذا: أنا ذهبت بالقميص ملطخا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب فأنا أذهب إليه اليوم بالقميص فأخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته.
4- قال ابن عباس رضي الله عنه: حمله يهوذا وخرج حافيا حاسرا يعدو ومعه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها حتى أتى أباه، وكانت المسافة ثمانين فرسخا.
5- وقيل: إن البشير هو مالك بن ذعر. ﴿ ألقاه على وجهه ﴾، يعني: ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، ﴿ فارتد بصيرا ﴾، فعاد بصيرا بعد ما كان أعمى وعادت إليه قوته بعد الضعف، وشبابه بعد الهرم وسروره بعد الحزن، فقال لمن عنده: ألـم أخبركم أني أعلم من الله ما لا تعلمونه من فضل الله ورحمته وكرمه.
- وعودة البصر لسيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام معجزة مخصوصة لشخص مخصوص من قميص مخصوص لشخص مخصوص، يعني لو أتينا بالقميص نفسه ووضعناه على وجوه جميع العميان في الأرض لن يستفيد منه أحد، لأنه معجزة خاصة بيوسف ويعقوب عليهما الصلاة والسلام.
- وكلمة البشير: توحي بأكثر من بشارة:
البشارة الأولى: بشارة يعقوب عليه الصلاة والسلام بعودة بصره إليه بعد فترة انقطاع دامت أكثر من ثلاثين سنة.
البشارة الثانية: أن يوسف الذي فقده قبل أربعين عاماً حياً يرزق.
البشارة الثالثة: أن يوسف عليه الصلاة والسلام أصبح عزيز مصر.
البشارة الرابعة: أن أخو يوسف (بنيامين) كذلك تم العثور عليه وهو يعيش مكرماً عند أخيه يوسف عليه السلام.
- ولهذا نجد السر في عودة البصر ليعقوب عليه السلام بعد أن شم رائحة القميص ووضعه على وجهه، في قوله تعالى: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا) فلفظ القميص هنا كان له دور في شفاء يعقوب وإعادة بصره إليه بعد فقدانه بزمن طويل.