لم تذكر كتب الشيعة شيئاً معيناً عن أبي بن خلف إلا أن الذي قتله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون ذكره عندهم لأنه كان مشركاً وقتل قبل ظهور التشيع والخوارج زمن الخلفاء الراشدين.
- ويعتبر المشرك أبي بن خلف هو الشخص الوحيد الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبي بن خلف هو من بني جمح وهو ابن خلف بن وهب بن جمح بن هصيص بن كعب بن لؤي، وهو من سادات قريش الذين عذَّبوا المسلمين المستضعفين، وكان أبي بن خلف وأخوه أميَّة بن خلف قد عملوا على تعذيب بلال الحبشي الذي كان مملوكًا لهم، وقد قتله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد.
- وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن غزوة أحد: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين، وكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالك فصاح بأعلى صوته: " يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم "، فأشار إليه أن اسكت، واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم، فلما استندوا إلى الجبل أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف على جواد له يقال له " العوذ " زعم عدو الله أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اقترب منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة فطعنه بها، فجاءت في ترقوته، فكر عدو الله منهزما، فقال له المشركون: والله ما بك من بأس، فقال: والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، وكان يعلف فرسه بمكة ويقول: أقتل عليه محمدا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى "، فلما طعنه تذكر عدو الله قوله أنا قاتله، فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح، فمات منه في طريقه بسرف مرجعه إلى مكة.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله) متفق عليه.
- فقوله صلى الله عليه وسلم: (في سبيل الله) احتراز ممن يقتله في حد أو قصاص؛ لأن من يقتله في سبيل الله كان قاصدا قتل النبي صلى الله عليه وسلم.
- والسبب في قتله من قبل النبي صلى الله عليه وسلم: لأنه كان يسير في مكة المكرمة وهو يقسم أنه سيقتل النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقد وصل هذا الكلام للنبي وما يضمره أبي بن خلف، فأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- عندها أنه هو من سيقتل أبي بن خلف إن أذن الله بذلك، فلما كانت غزوة أحد، بدأ أبي بن خلف يبحث عن الرسول عليه السلام، وهو يصرخ وينادي "لا نجوت إن نجا محمد" وكان مرتديا بزته الحديدية، وما إن رأى النبي صلى الله عليه وسلم حتى انقض عليه، يريد قتله.
- وفي ذلك الموقف تدخل الصحابي مصعب بن عمير وانقض على أبي بن خلف يبارزه ويحاول إبعاده عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن مصعب بن عمير قد استشهد، وأكمل أبي بن خلف طريقه باتجاه رسول الله، فأبصر النبي صلى الله عليه وسلم شقا صغيرا في بزة أبي بن خلف فرماه بحربته، فوقع أبي بن خلف من على حصانه وهو يصدر صوتا كخوار الثور ولم يخرج الدم الكثير من جرحه، فحمله أصحابه وهم يخففون عنه ويخبرونه بأن جرح الحربة مجرد خدش صغير، فأخبر أن الألم الذي به لو أصاب قوما بأكملهم ما احتملوه ومات من حينه.