الزوجة الأولى: تزوجها لفترة زمنية محددة ثم فارقها بناء على طلب أبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وقيل إن اسمها: (عمارة بنت سعد بن أمامة بن أكيل العماليقي)،
والزوجة الثانية هي: (السيدة بنت مضاض بنت عمرو الجرهمي)، وهي التي تعلم من قومها العربية الفصحى، والتي جاء منها العرب، فكانت خير زوجة، وخير عشيرٍ لسيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
- فعن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال:"فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم. وشب الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة فشكت إليه!! قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه!! فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا، فقال: هل جاءكم من أحد؟! قالت: نعم جاءنا، شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة؟!! قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم؛ أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غير عتبة بابك!! قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك؛ الحقي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا.
- قال: كيف أنتم، وسألها عن عيشهم وهيئتهم؟ فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله، فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت الماء. قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم دعا لهم فيه، قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه، قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه!! فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك!! قال: ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك… إلى آخر الحديث” [البخاري: 3113].
- ومن هذه القصة نتعلم عدة دروس وعبر منها:
أولاً: هناك فرق بين شكر النعمة وبين كفرانها، فشكرها ينتج عنه البركة والزيادة والنماء، وكفرنها وجحودها والإسراف بها ينتج عنه زوال تلك النعم، وهذا الذي حصل في حالة الزوجتين، فالزوجة الأولى كانت كافرة بالنعم وغير راضية بما رزقها الله تعالى، بينما الثانية كانت صابرة شاكرة راضية بما رزقها الله تعالى من النعم.
ثانياً: نتعلم من هذه القصة أن الزوجة الصالحة يجب عليها أن تكون قنوعة وراضية بوضع زوجها، بل وتساعد زوجها في أمور الدنيا والآخرة، وأن ترضى بما يسره الله تعالى لزوجها من الرزق دون تبرم أو تضجر.
ثالثاً: ينبغي على المسلم أن يبحث بحثاً دقيقاً عن الزوجة الصالحة التي تعين زوجها من خلال تحملها للمسؤولية المشتركة بينها وبين زوجها، وتكون سنداً له في تحمل أعباء الحياة وظروف المعيشة في كافة الأحوال، كما تعينه على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتكون سبباً في التزامه وزيادة إيمانه وكذلك سبباً في سعادته في الدنيا والآخرة.