لا أدري حقًا إن كان هناك أي رابط عجيب بين الفن والثقافة والانتحار. لطالما راودني هذا السؤال، حول الأسباب التي تدفع شخصًا يملك من العلم ما يملك، ويقدم ما يستطيع للناس، ثم أنه غالبًا ما يكون شخصًا محبوبًا، فلم ينهي حياته بهذا الشكل؟ هل لعنة الجنون تصيب كل أولئك بلا رحمة حقًا؟ دعني أخبرك عن البعض الذي أعرفهم ثم احكم بنفسك.
- "سيلفيا بلاث (1932 - 1963) – Sylvia Plath"
الشابة الروائية والشاعرة الامريكية، تخصصت في اللغة الإنجليزية، ونشرت الكثير من أعمالها منذ طفولتها، أما باقي أعمالها فنشرها زوجها بعد وفاتها. كانت أغلب قصائدها تحمل من السوداوية ما اعتمل في صدر بلاث، عانت الكثير رغم أنها لم تفصح إلا من خلال قصائدها. وبعد معرفتها لخيانة زوجها لها، وضعت رأسها في فرنها وتركت أولادها نائمين في الغرف المجاورة، واستنشقت الغاز حتى ماتت.
- "إرنست همنغواي (1899 - 1961) – Ernest Hemingway"
الكاتب الأمريكي السوداوي، والحاصل كذلك على جائزة نوبل عن روايته "العجوز والبحر". كانت أعماله تتحدث عن حتمية الموت ووجوبه. أنهى حياته في بيته عن باستخدام بندقيته، رغم أنه كان في قمة الشهرة في ذاك الوقت، إلا أن رصاصة في الرأس استطاعت أن تنهي كل شيء.
- "فيرجينيا وولف (1882 - 1941) – Virginia Woolf"
الكاتبة الإنجليزية التي كانت من المناهضات للنساء والتي كتبت في قضاياهن، وكانت أعمالها غالبًا ما تميل للسحر. ذكرت وولف مرات عديدة أنها تسمع أصوات داخل رأسها، ربما كانت تساعدها في الكتابة، إلا أنها بالتأكيد لم ترحمها. كانت طفولة وولف قاسية إلى حدٍ ما، فقد تعرضت للاعتداء من أخويها الغير شقيقين، ثم وفاة والدتها، ثم وفاة شقيقتها التي حملت مكانة الأم. وازداد الأمر سوءًا مع مرور الوقت، ففقدت بيتها في الحرب العالمية الثانية، ولم تعد تستطيع الكتابة. أنهت وولف معاناتها عندما ملأت جيوب معطفها بالحجارة ورمت نفسها في النهر الجاري.
- "فلاديمير ماياكوفسكي (1893 - 1930) – Vladimir Mayakovsky"
المؤلف الشاب والشاعر الروسي، بدأ انتاج شعره الرائع منذ شبابه، في عمر الخامسة عشر تقريبًا. وكان كذلك يتحدث كثيرًا في السياسة منذ عمر مبكر، مما جعلهم يعتقلونه ثلاثة مرات. كان عبقريًا، وكان يحاول جاهدًا أن يوظف قدراته في السياسة، إلا أن الأمر لم يكن سهلًا أبدًا. بعد نشره قصائده ضد الحكومة أصبح ملاحقًا، وحاول أن يهرب مع حبيبته، لكنها عندما علمت بالأمر تركته وتزوجت. زاد حزنه كثيرًا، والسبب الآخر كان منعه من السفر، بذلك الحزن إلى جانب رسالته الوداعية أنهى حياته بطلقة من مسدس كان يملكه.
لقد حاول الكثير من الأطباء النفسانيين والفلاسفة دراسة الانتحار ومحاولة فهمه، إلا أن الأسباب لن يعرفه إلا صاحبها، ومهما بدت الأمور لي ولك عل السطح، فاعلم دائمًا أن ما خفي أعظم.