من تعرف من المؤلفين والأدباء الذين أنهوا حياتهم منتحرين؟

2 إجابات
profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٢٩ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
     لا أدري حقًا إن كان هناك أي رابط عجيب بين الفن والثقافة والانتحار. لطالما راودني هذا السؤال، حول الأسباب التي تدفع شخصًا يملك من العلم ما يملك، ويقدم ما يستطيع للناس، ثم أنه غالبًا ما يكون شخصًا محبوبًا، فلم ينهي حياته بهذا الشكل؟ هل لعنة الجنون تصيب كل أولئك بلا رحمة حقًا؟ دعني أخبرك عن البعض الذي أعرفهم ثم احكم بنفسك.


  • "سيلفيا بلاث  (1932 - 1963) – Sylvia Plath"
الشابة الروائية والشاعرة الامريكية، تخصصت في اللغة الإنجليزية، ونشرت الكثير من أعمالها منذ طفولتها، أما باقي أعمالها فنشرها زوجها بعد وفاتها. كانت أغلب قصائدها تحمل من السوداوية ما اعتمل في صدر بلاث، عانت الكثير رغم أنها لم تفصح إلا من خلال قصائدها. وبعد معرفتها لخيانة زوجها لها، وضعت رأسها في فرنها وتركت أولادها نائمين في الغرف المجاورة، واستنشقت الغاز حتى ماتت.


  • "إرنست همنغواي (1899 - 1961) – Ernest Hemingway"
الكاتب الأمريكي السوداوي، والحاصل كذلك على جائزة نوبل عن روايته "العجوز والبحر". كانت أعماله تتحدث عن حتمية الموت ووجوبه. أنهى حياته في بيته عن باستخدام بندقيته، رغم أنه كان في قمة الشهرة في ذاك الوقت، إلا أن رصاصة في الرأس استطاعت أن تنهي كل شيء.


  • "فيرجينيا وولف (1882 - 1941) – Virginia Woolf"
الكاتبة الإنجليزية التي كانت من المناهضات للنساء والتي كتبت في قضاياهن، وكانت أعمالها غالبًا ما تميل للسحر. ذكرت وولف مرات عديدة أنها تسمع أصوات داخل رأسها، ربما كانت تساعدها في الكتابة، إلا أنها بالتأكيد لم ترحمها. كانت طفولة وولف قاسية إلى حدٍ ما، فقد تعرضت للاعتداء من أخويها الغير شقيقين، ثم وفاة والدتها، ثم وفاة شقيقتها التي حملت مكانة الأم. وازداد الأمر سوءًا مع مرور الوقت، ففقدت بيتها في الحرب العالمية الثانية، ولم تعد تستطيع الكتابة. أنهت وولف معاناتها عندما ملأت جيوب معطفها بالحجارة ورمت نفسها في النهر الجاري.


  • "فلاديمير ماياكوفسكي (1893 - 1930) – Vladimir Mayakovsky"
المؤلف الشاب والشاعر الروسي، بدأ انتاج شعره الرائع منذ شبابه، في عمر الخامسة عشر تقريبًا. وكان كذلك يتحدث كثيرًا في السياسة منذ عمر مبكر، مما جعلهم يعتقلونه ثلاثة مرات. كان عبقريًا، وكان يحاول جاهدًا أن يوظف قدراته في السياسة، إلا أن الأمر لم يكن سهلًا أبدًا. بعد نشره قصائده ضد الحكومة أصبح ملاحقًا، وحاول أن يهرب مع حبيبته، لكنها عندما علمت بالأمر تركته وتزوجت. زاد حزنه كثيرًا، والسبب الآخر كان منعه من السفر، بذلك الحزن إلى جانب رسالته الوداعية أنهى حياته بطلقة من مسدس كان يملكه.


     لقد حاول الكثير من الأطباء النفسانيين والفلاسفة دراسة الانتحار ومحاولة فهمه، إلا أن الأسباب لن يعرفه إلا صاحبها، ومهما بدت الأمور لي ولك عل السطح، فاعلم دائمًا أن ما خفي أعظم.

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
profile/ندى-ماهر-عبدربه
ندى ماهر عبدربه
دبلوم في Dental hygienist (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
١٥ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات

ما الفراقُ إلّا أن تشعرَ الأرواحُ المفارقةُ أحبّتها بمسّ الفناءِ لأنّ أرواحًا أخرى فارقتها، في الموتِ يُمَسّ وجودنا لِيَتَحَطَّم، وفي الفراقِ يُمَسّ ليلتوي، وكأن الذي يقبضُ الرّوح في كفّه حين موتها هو الذي يلمسُها عند الفراقِ بأطراف أصابعه. 
 - الرافعي


لعل الكاتب مصطفى صادق الرافعي حين كتب عن الموت والفراق في هذا الاقتباس كانت روحه تنشد ترانيم الجنائز، التي جسدتها بلغة كلمات، فالكاتب بطبيعة الحال يحمل بداخله عالم من الحروف المبعثرة التي ترتبها روحه وتنقلها على دفاتر الزمن الخالدة وتخطها بحبر مشاعره، فكل إنسان له رحلة قدرية في الحياة الدنيا، وفي مرحلة من مراحل حياته يقطع طريقه الموت، ويسلب منه رداء روحه الذي ارتداه عند ساعة ولادته، ولعل الفراق كما وصفه الرافعي يشكل فجوة في روح الفرد ويمس وجوده ليتحطم ولعله في بعض الأحيان يجعل روح الكاتب متعبة يتخبط بين طرق الحياة ليعم السواد قلبه، ويقرر اختيار الموت والذهاب إليه دون أن يختاره هو. 
لطالما كان الموت هو السبيل نحو فناء الصورة الدنيوية للجسد وبدء رحلة الروح نحو الخلود، ولعل قيود الجسد عند بعض الأدباء والمؤلفين جعلتهم يقطعون طريق القدر راكبين قطار الموت متجهين نحو المجهول، حاملين معهم أرواحهم المجهدة التي تركت وراءها أعمالا خالدة وحروفا حفرت في جدران الدنيا. 

وإجابة لسؤالك هذا سوف أخذك في رحلة عبر قطار الموت الذي ركب فيه مجموعة عظيمة من الكتاب والمؤلفين الذين تمردوا على قواعد الزمن وترأسوا مقاعدهم في القطار دون أن يقطعوا تذاكر من محطة نهاية الحياة، ترى ما الذي دفعهم إلى اختيار الموت بإرادتهم؟ 

في البداية سوف نستنبط رسائل الانتحار من كلمات هؤلاء الكتاب ولعل الأدب الروسي يحمل بداخله العديد من المؤلفات التي تعرض هذا الموضوع في أعماله، التي تصور مشاهد الانتحار بحبكة سرد الأحداث التي تقود الشخصية الرئيسية نحوه، مثل مشهد انتحار إنا كارنينا في رواية الكاتب تولستوي الشهيرة، لذلك هناك العديد من كتاب الأدب الروسي غطت السوداوية على أعمالهم وأصبحت رسائل روحهم تكتب بحبر الظلام ليتخذوا قرار إنهاء حياتهم ولعل أبرزهم:

-ألكسندر راديشيف
يعد الكاتب ألكسندر راديشيف من أشهر الكتاب الروسيين في القرن الثامن عشر، لكن حياته المقيدة التي تجلت في السجون بسبب صدى صوت روحه الذي أطلقه في وجه الظلم، هي من دفعته نحو الهاوية جعلته يتخلى عنها، حيث إنه كتب رسالة وداع فحوى كلماته: 
هل تود معرفة من أنا؟ 
ما أنا؟ إلى أين أسير؟ 
سأظل كما كنت طوال حياتي
لست قطيعا ولا شجرة ولا عبدا
أنا إنسان! 
أشق طريقي في دروب
لم يعهدها أحد قبلي
ليعبر من خلالها عن مطالبته بالحرية وإزالة القيود التي فرضتها الحياة على روحه. 

-مارينا تسفيتاييفا
أمضت نصف حياتها في الغربة بعيدة عن وطنها، بسبب حرية صوتها الذي تجلت عبر كلماتها، عانت من الفقر والترحال وحاولت ترجمة ما تشعر به في كتبها ومؤلفاتها حيث إنها كتبت بعض الأبيات قبل عامين من إنهاء حياتها وقالت: 
لا حاجة لي أذن تسمع
لا حاجة لي لعين ترى
لا حاجة لي
عالمك المجنون هذا! 

ومضت متشبثة في آخر حبل يربطها بمحطة حياتها، إلى أن أنهت مسيرتها برسالة وداع تركتها لابنها حيث قالت فيها: 
سامحني يا بني! لو انتظرت أكثر لساء الوضع أكثر. أنا مريضة بمرض خطير. أشعر بأنني لست أنا. أحبك بجنون. أرجو أن تفهم أنني لم يعد بإمكاني البقاء. أبلغ وأباك وأختك إذا رأيتهما أني أحببتها حتى آخر لحظة في حياتي، وقل لهما إنني وصلت إلى طريق مسدود”. 
 
 ومن غياهب عمق الأدب الروسي إلى الأدب الإنجليزي الذي كان مصطلح الانتحار يخيم على أسماء بعض من أشهر أدباء الذي عبر عن مستقبله الذي اختاره عبر كلماته حيث قال: 
 منذ طفولتي وأنا أصل إلى ما أريد، لكنني أصل وأنا منهك، وبالقدر الذي لا يجعلني أفرح. وكأني أريد أن أصل لأستريح، أستريح فقط. 
 -إرنست هيمنجواي


يعد أرنست من أبرز الأدباء والمؤلفين في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إنه لقب ب (بابا)، نظرا إلى كمية الإبداع المتجسدة في رواياته وقصصه القصيرة، كانت أفكاره السوداوية تغطي على معظم رواياته، لكنه في فترة من فترات حياته غير نظرته للحياة وجسد العديد من الأفكار التي تمثل القوة النفسية مثل أشهر روايته (الشيخ والبحر). 

لكنه ومع شهرته وإبداعه، قرر إنهاء حياته بنفسه بسبب الاكتئاب الذي أسر روحه وتوديع الكون بصوت رصاص البندقية التي عزفت ألحان جنازته، ولعل أبرز مؤلفاته التي تصور حالته النفسية وجهة نظري كانت تتجسد في هذا الاقتباس: 
أنا لَم أعد شجاعًا يا عزِيزتي أنا مكسورٌ بالكامِل لقد كسرونِي هذا العالم نشيّده فينهار ثمّ نشيّده ثانيةً فنَنهار نحن. 

ولعل الكاتبة فيرجينيا ولف أيضا أقدمت على إنهاء حياتها بسبب الاكتئاب الذي لامس فؤادها عند كتابتها آخر أعمالها (بين الأعمال)، وعدم قدرتها على انتشال روحها من الظلام الذي غرقت فيه، لذلك قررت أن تسافر على متن قطار الموت الذي كان ينتظرها في عمق نهر الذي جذبتها إليه الحجارة المعلقة في ثوبها، وتترك ورائها آخر كلماتها التي أودعتها في رسالة وداع بالغة الرقة لزوجها حيث قالت فيها:  
عزيزي, أنا على يقين بأنني سأجن، ولا أظن بأننا قادرين على الخوض في تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى، كما ولا أظن بأنني سأتعافى هذه المرة. لست قادرة على المقاومة بعد الآن وأعلم أنني أفسدتُ حياتك وبدوني ستحظى بحياة أفضل. أنا متأكدة من ذلك, أثرى؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد، لقد أشعرتني بسعادة عظيمة، ولا أظن أن أحدًا قد شعر بسعادة غامرة كما شعرنا نحن الاثنين سوية إلى أن حل لي هذا المرض الفظيع، لو كان بإمكان أحد ما أن ينقذني فسيكون ذلك أنت.  
فقدتُ يقيني بكل شيء، سوى أنك شخص جيد.  
 
لعل ظاهرة الانتحار تعد من أسوأ الظواهر البشرية، لأنها ببساطة تستبق الأحداث القدر وتقطع حكايته التي من الممكن أن تحمل السعادة في طياتها، لكن في بعض الأحيان
يمر الإنسان بالعديد من الضغوطات النفسية التي تصارع روحه، ولعل الأدباء والمؤلفين أكثر عرضة لهذه الظاهرة، ويرجع ذلك إلى هشاشة روحهم وعاطفتها الجياشة وصراعهم مع المنطق الذي يهربون منه عبر كلماتهم وينسجون عالماً خاصاً بهم عبر أوراقهم التي مهما مر عليها حبر الخيال تبقى بوابتها محبوسة في الأذهان بعيدة عن التجسيد على أرض الواقع.  
 
 
من وجهة نظري حينما ننظر للبشر بعين روحنا، سوف نرى هشاشة أفئدتهم والحزن المخيم عليها، وأيضاً صراع أرواحهم المختبئة وراء قناع الواقع، ولعل كلمة بسيطة أو ابتسامة كفيلة أن تنتشل أرواحهم المتعبة من غياهب الظلام، لكن برأيي البقاء هو فطرة خلقنا عليها ومهما تعددت الطرق يبقى نور الإيمان النابع من قلوبنا هو السبيل نحو البقاء وتحمل ضربات القدر.